في طغيانه ، فهو يحل ما حرم الله ، ويحرم ما أحل الله لا يبالي ما فات من دينه إذا سلمت له الرياسة التي قد شقي من أجلها فأولئك الذين غضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم عذابا أليما.
ولكن الرجل كل الرجل الذي جعل هواه تبعا لأمر الله ، وقواه مبذولة في قضاء الله ، يرى الذل مع الحق أقرب إلى عز الأبد مع العز في الباطل ، ويعلم أن قليل ما يحتمله من ضرائها يؤدي إلى دوام النعيم في دار لا تبيد ، ولا تنفد ، وإن كثيرا ما يلحقه من سرائها إن اتبع هواه يؤدي به إلى عذاب لا انقطاع له ، ولا زوال ، فذلك الرجل تمسكوا به ، واتقدوا بسنته ، وإلى ربكم توسلوا به ، فإنه لا ترد له دعوة ، ولا يخيب من طلبه .. ».
استهدف هذا الحديث معرفة العدالة التي تعد من أجل الملكات النفسية لأن بها يتحرر الإنسان من أوضار المادة ومغريات النفس وشهواتها ، ويسمو فوق الطين إلى أعلى الدرجات وأنبلها ، وبذلك لم يعد عليه أي سلطان من النزعات الفاسدة كما يستهدف أيضا أن معرفة الرجل العادل الكامل في ورعه وتقواه ينبغي أن تستند إلى امتحان دقيق وخبرة شاملة لا إلى نظرة خاطفة ورأي سريع. من هذه الصفات التي نستشفها من خلال هذا الحديث :
أ ـ حسن السمت : ليس دليلا كافيا على العدالة والتقوى والأناقة في المظهر ليست دليلا على حسن الجوهر.
ب ـ إظهار الإصلاح : وهذا لا يعد دليلا كافيا على عدالة المسلم.
لأنه قد يكون خداعا ورياء ، واتخذ الدين وسيلة لنيل مآربه وتحقيق أطماعه وشهواته بعد أن عجز عن الظفر بها بسائر الوسائل الأخرى.
ج ـ الامتناع عن المال الحرام : وهذا أيضا ليس دليلا على التقوى ، فقد يرغم نفسه على ذلك ويحملها على تحقيق أغراضه الشخصية التي لا