دفعهم هذا الوضع إلى أن يقفوا دائما مع الحاكمين ضد الثائرين ليحافظوا على الامتيازات الممنوحة لهم ، فكانوا يقفون في وجه كل محاولة تهدف إلى الثورة على النظام القائم وينخذلون عنها بل ويتسابقون في استخدام أقصى ما يملكون من نفوذ ودهاء في هذا السبيل للتأكيد على ولائهم التام للسلطة القائمة » (١).
وبديهي أن الإسلام حارب العنصرية بلا هوادة وجعلها نوعا من أنواع الجاهلية فقد قال الله تعالى : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) وقال رسول الله (ص) : « لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى ، كلكم لآدم وآدم من تراب ».
فكان بلال الحبشي وسلمان الفارسي وصهيب الرومي من الصحابة المقربين جدا لرسول الله (ص) لإخلاصهم في الدين وقربهم من الله تعالى. لكننا نرى أن معاوية أثار الجاهلية من جديد بعد أن خبت ، وأحياها بعدما ماتت في نفوس المؤمنين. فعمل على تعميقها وركز على التفرقة بين العرب والعجم.
« استدعى معاوية بن أبي سفيان الأحنف بن قيس وسمرة بن جندب وقال لهما : إني رأيت هذه الحمراء قد كثرت وأراها قد قطعت على السلف ، وكأنهم أنظر إلى وثبة منهم على العرب والسلطان فقد رأيت أن أقتل شطرا وأدع شطرا لإقامة السوق ، وعمارة الطريق. وكان هذا الموقف العدائي من الموالي سببا في امتهانهم وإرهاقهم بالضرائب وفرض الجزية والخراج عليهم وإسقاطهم من العطاء فكان الجنود الموالي يقاتلون من غير عطاء » (٢).
__________________
(١) ثورة الحسين للشيخ محمد مهدي شمس الدين ، ص ١٠٠.
(٢) المصدر نفسه ، ص ١٠٣.