١١ ـ وقال عليهالسلام : لا حسب لقرشي ولا عربي إلا بالتواضع » (١).
من الأخلاق الإسلامية الفاضلة التواضع فهو كما نعلم من القرآن الكريم ، نعمة سماوية تحصّن صاحبها بالجلالة والوقار ، وتجنبه الوقوع في المزالق والأخطار. لأن المتواضع يكون قد أرضى ربه سبحانه وتعالى وأرضى عباده عز وجل ، فكثر محبوه ، وقل مبغضوه ، وارتاحت نفسه ، وصفا عيشه ، واستراح من التفكير في اختيار صدور المجالس كما يفعل أهل الكبر والخيلاء في عصرنا الحاضر ، بزعمهم أن عنوان الشخص بمجلسه وليس بتقدير جلسائه له. هؤلاء قد نسوا أنه لا رافع لمن وضعه الله سبحانه ، ولا واضع لمن رفعه ، وكل شيء بمشيئته سبحانه قال تعالى : ( اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (٢).
والمتواضع لابد وأن يكون لين الجانب ، طيب السيرة ، حسن السريرة ، مثابا من الله ، محبوبا من عباد الله. لذلك دعا الله جل جلاله رسوله الكريم (ص) ليتواضع ويلين جانبه مع الناس. قال تعالى : ( فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ .. ) (٣).
ومن عجيب الأمر أن النبي (ص) كان من أجمع لدواعي الترفع التي كانت سائدة عند قومه آنذاك ، وكان في الوقت نفسه أدناهم إلى التواضع ذلك أنه كان أوسط (٤) الناس نسبا وأوفرهم حسبا ، وأسخاهم ، وأشجعهم ، وأذكاهم ، وأفصحهم ، وهذه كلها من دواعي الترفع. ومن تواضعه أنه كان
__________________
(١) تحف العقول ، ص ٦٧. وراجع الكافي في باب الطاعة والتقوى.
(٢) آل عمران ، الآية ٢٦.
(٣) آل عمران ، الآية ١٥٩.
(٤) أوسط : أعلى وأحسن الأمور أوساطها أي أعلاها.