يرغب في مثله فاختلقوا ما أرضاه ومنهم أبو هريرة ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ومن التابعين عروة بن الزبير.
روى أبو هريرة ، شيخ المضيرة ، عن رسول الله (ص) : إن الله ائتمن على وحيه ثلاثا : أنا وجبريل ومعاوية ، وإن النبي (ص) ناول معاوية سهما وقال له : خذ هذا حتى تلقاني في الجنة ؛ وحديث آخر زاد في آخره : « أنا مدينة العلم وعلي بابها ومعاوية حلقتها ».
ثم الأحاديث المختلقة التي تجوّر الظلم منها : « من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه ، فإن من فارق الجماعة شبرا فمات إلا ميتة جاهلية » (١).
ولا ريب أن أبا هريرة من عملاء معاوية المرتزقة فقد انتحل هذا الحديث وانتحل غيره. ومما أضفى عليه من النعوت المختلقة أنه كان كاتبا للوحي. والغريب أنه كيف يأتمن الرسول (ص) على كتابة الوحي من رب العالمين مثل هذا الإنسان الجاهلي البعيد كل البعد عن الإسلام ، والذي لم يلج في ضميره أي بصيص من نور الهداية والحق ، وإنما بقي ملوثا بأفكاره الجاهلية السوداء. وقد سخر المحدثين التجار والمرتزقة من وعاظ السلاطين ليختلقوا له الأحاديث المزورة والمختلقة ليوهم الناس بها. لكن من يقرأ سيرته بإمعان وتجرد يجده إرهابيا محترفا لا علاقة له بالمثل الكريمة والصفات الخيرة ، ولا قرابة بينه وبين الدين الإسلامي.
من تلك البدع التي اخترعها : مذهب الجبر.
شجع معاوية على نشر هذا المذهب لأن ذلك يساعد على تدعيم ملكه وإضفاء الشرعية عليه إذ أن فكرته تقول : إن كل ما يحدث لنا هو من الله ، وإن الملوك والأمراء منصبون من قبل الله علينا ـ سواء رضينا أم أبينا ـ وإننا مجبورون في أفعالنا ، فكان الرجل منهم يزني ويقول : أنا مجبور على
__________________
(١) المصدر السابق ، ص ١١٢.