حفل هذا الحديث الشريف بتمجيد العقل ، وتعظيمه وماله من أهمية في حياة الإنسان الشخصية والاجتماعية والدينية. ولذلك منحه الله أفضل الخصائص وأهمها. فهو أفضل الموجودات التي خلقها الله ، وقد منحه الله للإنسان وميزه على بقية المخلوقات والكائنات.
ولا يخفى أن وجود العقل ، هذه الهبة الإلهية العظيمة ، هو شرط من شروط التكليف في الإسلام ، فالفاقد عقله هو كالحيوان الأبكم لا يصح أن يتوجه له التكليف. قال بعض الحكماء : « إذا أخذ ما وهب سقط ما وجب ».
٩ ـ وقال عليهالسلام ، قال رسول الله (ص) : « كفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عليه من نفسه ، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه .. » (١).
من الجهل الأكبر أن يتغاضى الإنسان عن عيوب نفسه ويفتش عن عيوب الآخرين فينتقد ويجرح دون أي وازع أو رقيب. وكان الأولى به أن يراقب نفسه ويصلح أخطاءه ولا يلتفت إلى عورات الآخرين. قال أمير المؤمنين (ع) :
لسانك لا تذكر
به عورة امرىء |
|
فكلك عورات
وللناس أعين |
كما أن من عيوب المرء أن يؤذي جليسه بما لا يعنيه ، فيتدخل في شؤونه ويحرجه في قضاياه الخاصة. فلو شاء صديقه لأفضى إليه بسره وعرض عليه ما يعاني ، أما أن يكثر من أسئلته عليه فهذا ما يؤذي الجليس ويتحول من صديق حميم إلى عدو لئيم وهو في غنى عن ذلك.
وقد أخذ هذا المعنى شعراء كثيرون وبنوا عليه في قصائدهم منهم الشاعر الفرنسي ( لافنتين ) الذي سمى قصيدته بعنوان ( الخرج ) La besace ،
__________________
(١) أصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٤٦.