جهات أشراعك ، وسنن نبيك متروكة » (١).
كل هذه السياسات الخبيثة والمدبرة فعلت فعلها في المجتمع الإسلامي وضللت قطاعات واسعة من الأمة. حتى التبست أمور كثيرة في أذهان الناس ، واختلط الحق بالباطل وأثمرت سياسة معاوية حسب مخططها وآتت أكلها.
« فقد علّمت سياسة معاوية المالية وأسلوبه الوحشي ، الناس على الدجل والنفاق والسكوت عن الحق ، والتظاهر بخلاف ما يعتقدون توصلا إلى دنيا معاوية وتمسكا بروحهم القبلية التي تفرض عليهم أن يتبعوا ساداتهم القبليين دون تروّ أو تفكير ، وهذا الوضع الشاذ الذي فرض عليهم ، أن يخفوا دوما ما يعتقدونه حقا واقعا ، وأن يتظاهروا بما تريده السلطة منهم ، ولّد عندهم ازدواج الشخصية ، هذا الازدواج الذي يرجع إليه سر المأساة الدامية الطويلة الأمد التي عاشها الثائرون على حكام الجور من الأمويين والعباسيين ومن تلاهم من الظالمين ، هذا الازدواج في الشخصية صوّره الفرزدق للإمام الحسين (ع) حين لقيه في بعض الطريق فسأله عن أهل الكوفة فقال له : « قلوبهم معك وسيوفهم عليك » (٢).
الوضع النفسي للأمة :
الحروب المتلاحقة خلال خمس سنوات تقريبا ، حروب الجمل وصفين والنهروان ، والحروب الخاطفة التي نشبت بين القطع الشامية وبين مراكز لحدود في العراق والحجاز واليمن بعد التحكيم ولدت في نفوس أصحاب الإمام علي (ع) حنينا إلى السلم والاستراحة. فقد مرت عليهم سنوات وهم لا يضعون سلاحهم من حرب إلا ليشهروه في حرب أخرى
__________________
(١) المصدر السابق ، ص ١١٢
(٢) المصدر نفسه ، ص ١٢٤.