من أفانين التعبير ، وطرق بارعة من أنواع البيان ، ومسلك معجب من فنون الكلام ، والحق إن ذلك النهج العبقري المعجز من بلاغات النبي (ص) وأهل البيت (ع) التي لم يرق إليها غير طيرهم ، ولم تتسم إليها سوى أقلامهم. فالدعاء أدب جميل ، وحديث مبارك ، ولغة غنية ، ودين قيم ، وبلاغة عبقرية ، إلهية المسحة ، نبوية العبقة .. » (١).
وقد اهتمت الأوساط الإسلامية وغير الإسلامية اهتماما بالغا بالصحيفة السجادية ، فقد واظب جميع العلماء المسلمين الصالحين على الدعاء بها في غلس الليل وفي وضح النهار متضرعين بها إلى الله تعالى.
ولم تقتصر على العالم العربي فقط وإنما تعدت إلى غيره من شعوب العالم فترجمت إلى أكثر اللغات الأجنبية ، كالفرنسية والإنكليزية والفارسية والألمانية وغيرها.
ومما يدل على مدى أهميتها أن الخطاطين في مختلف العصور الإسلامية انبروا إلى كتابتها بخط أثري في منتهى الروعة وقد حفلت بها الكثير من خزائن المخطوطات الإسلامية. كما عكف العلماء على دراسة الصحيفة وإيضاح مقاصدها وشرحها. والعلماء الذين قاموا بهذه المهمة زاد عددهم على السبعين عالم. كل ذلك لأنهم وجدوا في الصحيفة نموذجا فريدا يستفيد منه كل أديب وباحث فقد كان البارز فيها جمال الأسلوب وروعة الديباجة ورقة الألفاظ وارتياح روحي يبلسم النفوس الحائرة والقلوب الضالة.
ومن مظاهر الروعة البلاغية فيها الأطناب والإيجاز حيث تدعو الحاجة. فقد أطنب (ع) في وصف الجنة وما فيها من نعم وترف ، وقصور جميلة كل ذلك بسبب تشويق الناس إليها وترغيبهم بأعمال البر والخير ليفوزوا بنعيمها. كما أطنب في التهويل من النار وقساوة العذاب وذلك
__________________
(١) مجلة البلاغ العدد السادس من السنة الأولى ، ص ٥٦.