وجاء في المصدر نفسه : « سئل الإمام زين العابدين عن الكلام والسكوت أيهما أفضل؟ فقال (ع) : لكل واحد منهما آفات ، فإذا سلما من الآفات ، فالكلام أفضل من السكوت. قيل : وكيف ذاك يا ابن رسول الله؟
قال : لأن الله عز وجل ما بعث الأنبياء والأوصياء بالسكوت ، وإنما يبعثهم بالكلام ، ولا استحقت الجنة بالسكوت ، ولا استوجب ولاية الله بالسكوت ، ولا توقيت النار بالسكوت ، ولا تجنب سخط الله بالسكوت إنما ذلك كله بالكلام وما كنت لأعدل القمر بالشمس إنك تصف فضل السكوت بالكلام ولست تصف فضل الكلام بالسكوت » (١).
وتكلم الإمام (ع) فكانت هذه الدرر الثمينة ، رسالة الحقوق التي رسم فيها معالم الشخصية الصالحة التي ينشدها الإسلام لقد وضعت حقوق الجوارح من اللسان والسمع والبصر واليد والرجل ... إلى الصلاة والصوم والحج ... إلى حقوق المعلم والسلطان والمالك .. إلى حقوق الأرحام من الأب والأم والأخ ..
كما رسمت أيضا حقوق أهل الإسلام وأهل الذمة وطلب إلينا حق رعايتها والعمل في تأديتها لنعالج على ضوئها مشاكلنا الخاصة والعامة وما يعتور طريقنا من هفوات وأخطاء وتقصير .. لقد أرادنا عناصر إنسانية صالحة تحب الخير للجميع وتعمل به وتنبذ الشر وتتجنبه. وقد كتب هذه الرسالة الذهبية (ع) وأتحف بها بعض أصحابه ، وقد رواها العالم الكبير ثقة الإسلام ثابت بن أبي صفية ، المعروف بأبي حمزة الثمالي تلميذ الإمام (ع) (٢) ، ورواها عنه بسنده المحدث الصدوق (٣) ، وحجة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني والحسن بن علي بن الحسين بن شعبة البحراني
__________________
(١) المصدر السابق ، ص ٣١٥.
(٢) الكشي ـ الخصال.
(٣) من لا يحضره الفقيه الخصال.