الفاضح حبهم لملذاتهم فقط ، وإنما كان هدفهم من وراء ذلك إماتة الروح الإسلامية الصحيحة في نفوس الناس ليبعدوهم عن الدين الإسلامي وعن رسالة الأنبياء المرسلين فلا يهمهم بعد هذا أمر الخلافة والمطالبة برفع الظلم والاستهتار فالمال ميسور أمام فراغ الشباب والجواري ودور الميسر منتشرة تستويهم للتلهي وقتل الوقت هدرا.
لقد هيأوا الأذهان أيضا إلى قبول الرأي القائل بأن الخلافة ليست إلا ملكا كالقيصرية والكسروية ، وأن الله تعالى لم ينص على إمام بعينه كما يرى كثير من المسلمين.
في وسط هذا المجتمع المريض كان لا بد للإمام السجاد أن يداوي هذه النفوس لتتخلص من أمراضها وتعرف حدودها وترجع إلى الأخلاق الإسلامية السامية التي تعيد للأمة تعاليم الإسلام القومية والسليمة التي كاد الأمويون أن يقضوا على معظمها بأعمالهم الباطلة وآرائهم الفاسدة وتصرفاتهم التي لا تليق بأمة مرموقة بين الأمم تعرف مكانتها السامية بين الدول المتحضرة أجل لقد تفسخت الأخلاق وتردت حتى أصبحت تهدد بخطر عظيم الأمر الذي دعا الغيارى على الدين أن يهتموا الاهتمام الكبير لصد هذا التيار الجارف. ومن أحرى بأهل البيت الذين اختارهم سبحانه وتعالى لردع الظلم عن أعناق المستضعفين ، وهداية الناس إلى الحياة الحرة الكريمة. قال محمد صادق الصدر : « وكان أول من لفت الأنظار إلى هذا الخطر المحدق بالناس جميعا الإمام زين العابدين عليهالسلام فقد نشط في جهاده نشاطا عظيما منقطع النظر فكان يلقي على الأمة بآرائه الإصلاحية تارة عن طريق المناجاة ، وطورا عن طريق القلم ، وهذه ( رسالة الحقوق ) أملاها عليهالسلام دستورا عاما يتضمن كل ما تحتاجه البشرية من حقوق ، فلم يترك حقا من حقوق الله على عباده ، أو حقوق العباد أو حقوق العباد بعضهم على بعض إلا ذكره ونبه عليه ، وقد قدم الأهم فالأهم من هذه الحقوق ببيان رائع ،