القرآن والسنة وكان الحاكم المطلق الذي نفذ هذه الأحكام فأعلن الحروب وفتح البلاد ونظم الجيش وحكم في الحدود وهكذا كانت السلطة بيده ولا يجوز مخالفته. ولأنه كان يعلم أن الله سبحانه سيختاره إلى جواره كما اختار الأنبياء من قبله أبلغ الأمة عن الخليفة بعده وعينه باسمه وأشار إليه بأوصافه فكان الإمام علي بن أبي طالب (ع) نص عليه صريحا بأمر من الله في حديث المنزلة وحديث الدار. قال تعالى : ( وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ .. ) (١).
وقد تأكد حديث تعيين الإمام علي (ع) في حديث الغدير الذي بلغه النبي (ص) للأمة في حجة الوداع ثم تتابعت السلسلة الطاهرة من أهل البيت فكانوا اثنا عشر إماما مع الإمام علي عليهمالسلام. آخرهم الإمام الحجة محمد ابن الحسن العسكري الذي شاءت حكمة الله أن يغيب عن الأبصار وإن كان حاضرا في الأمصار. وهناك شروط ومواصفات من اجتمعت فيه كان الحاكم الذي يقوم في تدبير شؤون الأمة الإسلامية. وأهم هذه الشروط :
١ ـ الإيمان : على الحاكم أن يكون مؤمنا يعتقد بالشريعة الإسلامية أصولا وفروعا ، عقائدا وأحكاما.
٢ ـ العدالة : فلا يترك واجبا ولا يرتكب حراما دون عذر شرعي ، لأن الفاسق يجعل نفسه حجة بأيدي الأشرار والفاسقين ، وبهذا يطعن بالشريعة الإسلامية ويقتدي به أصحاب المصالح الشخصية.
٣ ـ العلم : على الحاكم في الإسلام أن يكون أعلم الناس بالشريعة لأن وظيفته القيادية تحتم عليه حفظها وبيانها ، وشرحها لا يكون إلا على أيدي العلماء الفقهاء. قال الإمام علي (ع) : « ألا وإن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه وأعلمهم بأمر الله فيه ». إن القيادة الشرعية الصالحة التي
__________________
(١) آل عمران ، الآية ١٤٤.