جاء في مطالب السؤول عن محمد بن طلحة الشافعي قال : « علي بن الحسين زين العابدين عليهالسلام زين العابدين ، وقدوة الزاهدين ، وسيد المتقين ، وإمام المؤمنين ، وسمته تشهد له أنه من سلالة رسول الله ، وسمته تثبت مقام قربه من الله زلفا ، وثفناته تسجل بكثرة صلاته وتهجده وإعراضه عن متاع الدنيا بزهده ينطق فيها ، درّت له أخلاف التقوى فتفوقها ، وأشرقت لديه أنوار التأييد فاهتدى بها ، وآلفته أبراد العبادة فآنس بصحبتها ، وحالفته وصايف الطاعة فتحلى بحليتها ، طالما اتخذ الليل مطية ركبها لقطع مفازة الساهرة وظمأ الهواجر دليلا استرشد به في مغارة الشافرة ، وله من الخوارق والكرامات ما شوهد بالأعين الباصرات وثبت بالآثار المتواترة وشهد له أنه من ملوك الآخرة » (١).
وعن سماحته ونبله وعلو أخلاقه جاء في الطبقات الكبرى لابن سعد قال إن عبد الله بن علي بن الحسين (ع) قال : لما عزل الوليد بن عبد الملك هشام بن إسماعيل عن ولاية المدينة وأوقفه الوليد إلى الناس ليقتصوا منه ، وكان يسيء إلى أبي ، جمعنا أبي علي بن الحسين وقال : إن هذا الرجل قد عزل وقد أوقفه الوليد للناس فلا يتعرض له أحد بسوء ، فقلت يا أبت ، والله إن أثره عندنا لسيء وما كنا نطلب إلا مثل هذا اليوم. قال : يا بني نكله إلى الله ، فو الله ما تعرض أحد بسوء من آل الحسين حتى تصرم أمره.
ولم يكتف السجاد بذلك بل أرسل إليه يعرض عليه من الأموال ما يسعه ويسد حاجته ، مع أنه كان لا يخاف إلا منه لكثرة ما كان يسيء إليه وإلى أصحابه. وإذا كان ذلك غريبا عن أخلاق الناس وطبائعهم فليس بغريب على من اختارهم الله وخصهم بالكرامة والعصمة.
وللإمام السجاد أبيات من الشعر مشحونة بالعاطفة الدينية ، يرشح
__________________
(١) مطالب السؤول ، ص ٢٠٢.