هذا كلّه فيما إذا لم يكن العوضان ربويين.
وأمّا إذا كانا واجدين لشرائط الربا ، أي كانا متّحدي الجنس ، وكانا ممّا يكال أو يوزن ، فلا شكّ في جواز بيعهما مثلا بمثل بغير تفاضل نقدا ، ولكنّ الكلام في جواز بيعهما نسيئة ، وإن كان مثلا بمثل وزنا أو كيلا. والمشهور عدم جوازه ، بل ادّعى الإجماع على عدم الجواز.
وذلك كما إذا باع قفيزا من الحنطة الرديئة نقدا بقفيز من الحنطة الجيّدة نسيئة ، أو مطلق الحنطة بمطلقها وإن لم يكن بينهما اختلاف في الجودة والرداءة ، وذلك من جهة أنّ الأجل زيادة حكميّة.
ففي المفروض ـ وإن لم يكن زيادة عينيّة في البين ، ولكن الزيادة الحكميّة موجودة ؛ لأنّ للأجل قسطا من الثمن ـ لا يجوز ، للإجماع ، ولما رواه الصدوق قدسسره في الفقيه عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « الفضّة بالفضّة مثل بمثل ، والذهب بالذهب مثل بمثل ليس فيه زيادة ولا نظرة ، الزائد والمستزيد في النار » (١).
ثمَّ إنّه بعد ما عرفت معنى الربا ، وأنّه عبارة عن الزيادة في أحد العوضين إنّ كانا متّحدي الجنس ، وكانا ممّا يكال أو يوزن ، فاعلم :
أنّه وقع الخلاف في أنّه مختصّ بالبيع والقرض ، أم يأتي في سائر المعاوضات؟
قال الشهيد (٢) والمحقّق (٣) الثانيان بثبوته في جميع المعاوضات ، وكلام المحقّق والعلاّمة مختلف في كتبهما ، فالمحقّق في الشرائع (٤) والعلاّمة في القواعد (٥) والإرشاد (٦) قالا
__________________
(١) « الفقيه » ج ٣ ، ص ٢٨٨ ، باب الصرف ووجوهه ، ح ٤٠٣٧ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٤٥٦ ، أبواب الصرف ، باب ١ ، ح ١.
(٢) « مسالك الأفهام » ج ٣ ، ص ٣١٧.
(٣) « جامع المقاصد » ج ٤ ، ص ٢٦٦.
(٤) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ٣٧.
(٥) « قواعد الأحكام » ج ١ ، ص ١٤٠.
(٦) « إرشاد الأذهان » ج ١ ، ص ٣٧٧.