عنها ، حيث أنّهم أفتوا بكراهة بيع المختلفين جنسا نسيئة مع الزيادة في أحدهما ، كالثوب بثوبين ، والفرس بفرسين ، ولا يقول بحرمته إلاّ الشيخ في النهاية (١) والمفيد (٢) وابن أبي عقيل وابن الجنيد (٣).
وحاصل الكلام : أنّه إمّا أن يجمع بين الطائفتين بحمل أخبار المانعة على الكراهة ، أو يرفع اليد عنها ؛ لموافقته للعامّة وإعراض المشهور عنها ، فتأمّل.
والأحسن هو الجمع بينهما بحمل أخبار المانعة على الكراهة ، فإنّه جمع عرفي في أمثال المقام.
وربما يؤيّد هذا الجمع ما في صحيحة محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الثوبين الرديّين بالثوب المرتفع ، والبعير بالبعيرين ، والدابّة بالدابّتين؟ فقال عليهالسلام : « كره ذلك عليّ عليهالسلام فنحن نكرهه ، إلاّ أن يختلف الصنفان » (٤) إلخ.
وهذا بناء على أن يكون الكراهة بمعناها المصطلح ، أي ما هو أحد الأحكام الخمسة ، ولكن يمكن أن يقال : إنّ المراد من الكراهة ها هنا هو معناها اللغوي ، فلا ينافي الحرمة ، خصوصا بضميمة قوله عليهالسلام : « ولم يكن علىّ عليهالسلام يكره الحلال » (٥).
هذا كلّه ، مضافا إلى أنّ مورد هذه الرواية ليس من المختلفين في الجنس الذي هو محل الكلام ، نعم ليس المورد من الربويّين ، وإن كانا متّحدين جنسا ؛ لأنّهما ليسا ممّا يكال أو يوزن.
__________________
(١) « النهاية » ص ٣٧٧.
(٢) « المقنعة » ص ٦٠٣.
(٣) نقله عنهما في « مختلف الشيعة » ج ٥ ، ص ١١٧.
(٤) « تهذيب الأحكام » ج ٧ ، ص ١٢٠ ، ح ٥٢١ ، باب بيع الواحد بالاثنين وأكثر من ذلك ، ح ١٢٧ ؛ « الاستبصار » ج ٣ ، ص ١٠١ ، ح ٣٥٣ ، باب بيع ما لا يكال ولا يوزن ... ، ح ٧ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٤٤٩ ، أبواب الربا ، باب ١٦ ، ح ٧.
(٥) « الكافي » ج ٥ ، ص ١٨٨ ، باب المعاوضة في الطعام ، ح ٧ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ٧ ، ص ٩٦ ، ح ٤١٢ ، باب بيع الواحد بالاثنين وأكثر من ذلك ، ح ١٨ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٤٤٧ ، أبواب الربا ، باب ١٥ ، ح ١.