وثانيا : هو في مقام بيان مورد نزول الآية ردّا على ما كانوا يقولون بأنّ الربا مثل البيع ، والعبرة بعموم ألفاظ الآيات لا بخصوصيّة مواردها.
وثالثا : أنّ المطلقات والعمومات التي تدلّ على حرمة الربا في جميع المعاوضات كثيرة لا تنحصر في هذه الآية فقط.
وخلاصة الكلام : أنّ الروايات التي تدلّ على حرمة الربا مطلقا في أيّ معاوضة كانت كثيرة ، فلا بدّ من الحكم بدخوله في جميع المعاوضات التي تقع بين متّحدي الجنسين إذا كانا من المكيل أو الموزون ، إلاّ إذا جاء دليل على التخصيص في مورد.
وأمّا رواية إبراهيم بن عمر اليمانيّ عن أبي عبد الله عليهالسلام : « قال الربا رباءان : رباء يؤكل ، ورباء لا يؤكل. فأمّا الذي يؤكل فهديّتك إلى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها ، فذلك الربا الذي يؤكل ، وهو قول الله عزّ وجلّ ( وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ ) (١). وأمّا الذي لا يؤكل فهو الذي نهى الله عزّ وجلّ عنه وأوعد عليه النار » (٢).
فإطلاق الربا على الثواب الذي يعطيه الله تبارك وتعالى عوضا عن الصدقة أو الهديّة إلى المؤمن ليس من الربا المعاملي الذي هو محلّ الكلام ، فعلى تقدير القول بالعموم ليس هو مخصّصا للعموم.
ثمَّ إنّ هاهنا فروعا بعضها راجع إلى الشرط الأوّل ، أي اشتراط ثبوت الربا بكون العوضين متّحدي الجنسين ، وبعضها راجع إلى الشرط الثاني ، أي كونهما من المكيل أو الموزون.
__________________
(١) الروم (٣٠) : ٣٩.
(٢) « الكافي » ج ٥ ، ص ١٤٥ ، باب الربا ، ح ٦ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٤٢٩ ، أبواب الربا ، باب ٣ ، ح ١.