نعم لفظ « الحيوان » في رواية غياث وفي الحديث الذي رواه الجمهور عن سعيد بن المسيّب مطلق يشمل ما كان من جنس اللحم وما لم يكن ، وغاية ما يمكن ادّعاء الانصراف فيه هو كونه حيّا ، وأمّا كونه من جنس اللحم فلا موجب له أصلا. وقد تقدّم أنّ النهي ليس من جهة كونه ربا كي يقال بأنّه لا يأتي إلاّ في مورد اتّحاد جنس الحيوان مع اللحم ، فمقتضى الإطلاق لو لا الإجماع المدّعى في المقام ، هو المنع حتّى عن بيعه بغير جنسه ، وهو الموافق للاحتياط ، فلا يبعد حرمة بيعه حتّى بغير جنسه.
وأمّا ما استدلّ به العلاّمة قدسسره في التذكرة (١) بأنّه يجوز بيع لحم الحيوان بلحم غير جنسه فبيعه به حيّا أولى ، فهذا القياس على تقدير صحّته والقول به يأتي فيما إذا كان منشأ المنع هو حصول الرباء ، وأمّا لو كان منشأ المنع إطلاق الحديث والرواية كما ذكرنا ، فلا مورد له أصلا.
نعم بناء على هذا يجب الاقتصار على ما يصدق عليه اللحم ، فمثل الكرش والكبد والكلى والقلب وكلّ ما لم يصدق عليه اللحم ، خارج عن هذا الإطلاق.
ثمَّ إنّ ظاهر الحديثين هو وقوع اللحم مثمنا ؛ لأنّ هذا هو معنى بيع اللحم بالحيوان ، فالمبيع هو اللحم والثمن هو الحيوان ، ولكن ظاهر الفتاوى عدم الفرق في الحرمة بين كونه ثمنا أو مثمنا ، بل ظاهر معقد الإجماع هو شموله لكلا القسمين.
ثمَّ إنّ في هذه المسألة فروعا لا بأس بذكرها :
الأوّل : هل يجوز بيعه بالحيوان غير مأكول اللحم ، أم لا؟ ظاهر كلام العلاّمة في التذكرة (٢) هو الإجماع على الجواز ؛ لتعبيره بأنّه يجوز عندنا ، وكلمة عندنا ظاهر في اتّفاق الطائفة ، وهو الإجماع.
__________________
(١) « تذكرة الفقهاء » ج ١ ، ص ٤٧٨.
(٢) المصدر.