الرطب واليابس. أمّا الأوّل للنصّ ، وأمّا الثاني فلعدم دليل على المنع ، وعدم عموم للعلّة ، وشمول إطلاقات أدلّة صحّة البيع له.
وهناك تفصيل آخر بعد الفراغ عن القول بالمنع في خصوص الرطب والتمر ، بين كون الرطوبة ذاتيّة كرطوبة الفواكه الغضّة ، وكونها عرضية كرطوبة الحنطة المبلولة مثلا ، فقالوا بالجواز في الأوّل ؛ لأنّ الرطوبة الذاتيّة التي في الجسم المرطوب تعدّ جزءا من ذلك الجسم المرطوب عرفا ، بل بالدّقة ، بخلاف الرطوبة العرضية فإنّها أجنبيّة عنه ، وأمر خارج عن حقيقة ذلك الجسم المرطوب حقيقة وعرفا ، ولا ماليّة لها كي يكون مجموع المالين بإزاء ذلك الآخر ، فيخرج عن كونه ربا ، بل يكون المبلول وحده من دون بلله عوضا عن الآخر ، والمفروض أنّه وحده متساو معه فيكون من البيع الربويّ.
وهذان التفصيلان في حد نفسهما وإن كانا لا يخلوان عن حسن ، ولكن لا تصل النوبة إليهما إلاّ بعد الفراغ عن عدم عموم للعلّة بالنسبة إلى التفصيل الأوّل ؛ إذ مع عموم التعليل لا يبقى فرق بين الرطب والتمر وبين سائر الفواكه الرطبة كلّ واحد منها مع اليابس من جنسه.
وأمّا التفصيل الثاني فمضافا إلى ما تقدّم ، لا يأتي إلاّ فيما إذا قلنا بأنّ المعتبر في التساوي وعدم تحقّق الربا هو أن يكون التساوي حال وقوع العقد لا بقاءه إلى الآخر ، وإلاّ لو قلنا بلزوم بقاء التساوي إلى الآخر ، فلا يبقى في كلا الشقّين ، فيبطل في كلتا الصورتين ، سواء كانت الرطوبة حال وقوع المعاملة ذاتيّة أو عرضيّة.
هذا ، مضافا إلى أنّ الفرق بينهما مبنيّ على كون الرطوبة الذاتيّة جزءا للمرطوب حقيقة أو عرفا دون الرطوبة العرضيّة كي تكون التساوي بين العوضين موجودا حال العقد في الأوّل دون الثاني ، وجميع هذه المباني والمقدّمات غير ثابت ، بل معلوم العدم.
والإنصاف : أنّ هذه الظنون لا يصحّ أن يبتني عليها الأحكام الشرعيّة ، ولا ينبغي