أن يعتنى بها ، فالعمدة في المسألة هو القول المشهور ، أي عدم الجواز مطلقا ، أو الجواز كذلك ؛ لدلالة الروايات المتقدّمة على المنع. وما ذكروه من أنّ مفادها الكراهة لا الحرمة غير تامّ. وإنكار اطّراد العلّة وعمومها لا وجه له وخلاف المتفاهم العرفيّ ، فالأحوط بل الظاهر هو القول المشهور ، أي المنع مطلقا ، والله العالم.
وخلاصة الكلام : أنّ التفاصيل التي ذكروها في المقام لا أساس لها ، وإن كان التفصيل الأوّل يستظهر من المحقّق شيخ الفقهاء في الشرائع ، (١) وتقدّم نقل عبارته ، فيدور بين القول بالمنع مطلقا أو الجواز مطلقا.
ولكن لا مجال للقول بالجواز مطلقا إلاّ بأحد أمرين ، وهما :
إمّا أن تكون الروايات المانعة غير ظاهرة في الحرمة ، بل تكون ظاهرة في الكراهة من جهة اشتمال بعضها على كلمة « لا يصلح » التي تكون ظاهرة في الكراهة ، أو كلمة « كره » كما في رواية محمّد بن قيس التي تقدّمت كذلك ؛ إذ بناء على هذا لا مانع من شمول الإطلاقات وعمومات الصحّة للمقام.
وإمّا من جهة الجمع الدلالي بينها وبين الطائفة الأخرى التي ظاهرها الجواز بحمل الأولى على الكراهة تحكيما للنصّ على الظاهر.
وأنت خبير بعدم صحّة كلا الأمرين.
أمّا الأوّل : فلأنّ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « فلا إذن » بعد السؤال عن صحّة مثل ذلك البيع أو عدم صحّته في غاية الظهور في عدم جوازه وفساده ، وكذلك قوله عليهالسلام : « لا يصلح » في الروايات الثلاث ، حيث أنّه عليهالسلام ينفي الصلاحيّة عن مثل هذا البيع معلّلا بأنّ ما هو الرطب ينقص لجفافه فيما بعد ، فيخرج عن التساوي مع مقابله ، وهو شرط في صحّة بيع المتجانسين ، فبفقده ينتفي الصحّة ، فيكون نفي الصلاح في مثل هذا المورد مع هذا التعليل ظاهرا في فساد المعاملة وعدم جوازها ، وإن كان في حدّ نفسه يلائم مع الحرمة
__________________
(١) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ٤٠.