في الحقيقة من أوّل الأمر باع في المفروض مدّا من التمر إمّا بمدّين ودرهم ، وإمّا بمدّ ودرهم.
وأمّا إن لم بحصل الربا ، كما أنّه لو باع درهما ومدّا بمدّين ، فظهر أنّ الدرهم المبيع ملك الغير أو متعلّق حقّ الغير ، وفرضنا أنّ المدّ يساوي درهما ، فهاهنا بعد بطلان المعاملة وإسقاط ما يقابل الدرهم المبيع من الثمن ، أو إسقاط ما هو قيمته الواقعيّة لذلك الدرهم الذي ليس ملكا للبائع ، أو يكون متعلّقا لحقّ الغير يبقى مدّ أو درهم مقابل المدّ الباقي ، فلا رباء ولا بطلان للمعاملة. نعم يأتي خيار تبعّض الصفقة للمشتري.
هذا هو الظاهر ، ولكن يمكن تصحيح المعاملة في الفرض الأوّل بشكل لا يأتي فيها الربا ، بأن يقال بإسقاط نصف الدرهم من الثمن مقابل نصف الدرهم من الدرهم المبيع ، ومدّ ونصف مدّ من الثمن مقابل النصف الآخر من الدرهم المبيع ، فيبقى من الثمن درهم ونصف مع نصف مدّ مقابل مدّ من المبيع ، فيكون الدرهم ونصف الدرهم الباقي من الثمن مقابل نصف المدّ من المبيع ، ونصف المدّ الباقي من الثمن مقابل ما يساويه من المبيع.
ولكن فيه : أوّلا : أنّ هذه المعاملة من أوّل الأمر وقعت باطلة وربويّة ، فلا يبقى مجال لتصحيحها بما ذكر. وثانيا : هذا الترتيب الذي ذكرنا لخروجها عن كونها ربويّة أجنبيّ عمّا قصده المتبايعان ، والعقود تابعة للقصود ، ولا ضرورة توجب الالتزام بما ذكر على خلاف ما قصد.
وأمّا الثاني : أي تلف الضميمة قبل أن يقبضها المشتري ، وحيث أنّ المعاملة وقعت صحيحة من أوّل الأمر ، فيمكن أن يقال بعدم شمول أدلّة حرمة الربا لمثل هذا الرباء الحادث بعد وقوع المعاملة صحيحة وانصرافها عنه.
ويمكن أن يصحّح بما تقدّم في الفرع الأوّل. ولا يأتي الإشكال الذي تقدّم هاهنا ؛