وأمّا الثاني : أي فيما إذا كانا من المكيل ، فلا شكّ في صحّة بيعهما كيلا ؛ لأنّ العرف لا يفهم من التساوي إلاّ التساوي بحسب الكيل. وكذلك الكلام في مثلا بمثل ورأسا برأس ، وأمّا قوله عليهالسلام « وزنا بوزن » فهو في مورد الموزون ، فلا ربط له بمورد كون المبيع مكيلا أصلا.
إنّما الكلام في صحّة بيعهما بالوزن هل يجوز.
فقال جماعة : نعم ؛ لأنّ الوزن أضبط في معرفة التساوي وعدم الزيادة والنقصان الذي هو المناط في عدم تحقّق الربا ، وقد تقدّم أنّه عليهالسلام فسّر المثليّة بقوله : « بلا زيادة ولا نقصان » وهو الصحيح. بل ربما يظهر من الشهيد في المسالك (١) دعوى الإجماع على صحّة بيع المكيل موزونا ، حيث قال كما في الجواهر حكاية عن المسالك : ونقل بعضهم الإجماع على جواز بيع الحنطة والشعير وزنا مع الإجماع على كونهما مكيلين في عهده صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢).
ولكن ظاهر هذا الإجماع على جواز بيع المكيل موزونا ـ على تقدير ثبوته ـ هو في خصوص ارتفاع الغرر بالوزن وخروج المعاملة عن كونها جزافا ، فلا ينافي عدم صحّة بيع المكيل موزونا مثلا بمثل من ناحية الربا ؛ لعدم صدق التساوي عرفا فيما إذا بيع العوضان من المكيل بالتساوي وزنا.
فالأوجه في وجه الصحّة ما ذكرنا من أنّ المراد بقوله عليهالسلام « مثلا بمثل » أو « رأسا برأس » أو غيرهما من العناوين التي ذكرناها هو عدم زيادة أحد العوضين على الآخر ، حيث أنّ هذا هو المناط في باب الربا ثبوتا وعدما ، فبثبوتها يثبت الربا وبعدمها يرتفع. ولا شكّ في أنّ التساوي بحسب الوزن أدلّ على عدم تحقّق الزيادة والنقصان من التساوي بحسب الكيل حتّى فيما يكال عند العرف.
__________________
(١) « مسالك الأفهام » ج ٣ ، ص ٣١٧.
(٢) « جواهر الكلام » ج ٢٣ ، ص ٣٧٤.