وما ذكرنا كان أثر كلّ واحد من التقديرين ، وأمّا في مقام الإثبات وأنّ أيّ واحد منهما هو الحقّ ، فيحتاج إلى شرح وبيان.
وخلاصة الكلام فيه هو أنّ مبنى هذه المسألة ـ أي كون القسمة إفراز حقّ وتمييزه ، أو معاوضة ومعاملة بين الشريكين أو الشّركاء ـ هو تحقيق معنى الشركة وبيان حقيقتها ، فنقول :
أمّا مفهوم الشركة ، فهو من المفاهيم الواضحة عند العرف ؛ ولذلك تعريفه يكون لفظيّا ربّما يكون هو أوضح من التعاريف التي عرّفوها بها.
فالعمدة هو بيان أنّ متعلّق حقّ الشركاء أيّ شيء هو؟
وفي هذا المقام ذكروا وجوها :
الأوّل : هو أنّ كلّ واحد من الشريكين أو الشركاء يملك كسرا مشاعا من المال المشترك ، كالنصف ، أو الثلث ، أو الربع ، وهكذا باقي الكسور ، ففي الحقيقة كلّ واحد من الشريكين أو الشركاء مالك لعنوان كلّي قابل للانطباق على أفراد ومصاديق متعدّدة ، وكلّ واحد من تلك الأفراد مصداق حقيقي وفرد واقعي لذلك المفهوم الكلي.
فبناء على هذا حقيقة القسمة عبارة عن تطبيق ذلك الكلّي المملوك على مصداقه ، فتمام ذلك الفرد عين مملوكه وليس شيء فيه لشريكه كي يقال بأنّه معاوضة ومعاملة مع شريكه بمعنى انتقال أجزاء من مال شريكه إليه بعوض ما ينتقل من ماله إلى شريكه ، بل بالقسمة يتعيّن ماله ويتميّز عن مال شريكه ، ويخرج عن الإشاعة.
وهذا هو المتّفق عليه بين أصحابنا الإماميّة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، بخلاف ما ذهب إليه الجمهور من أنّ القسمة مستلزمة للمبادلة والمعاوضة بين ماليهما ، كما أنّه لو حصلت الشركة بين ماليهما بواسطة الخلط ، كما في خلط الحنطة بالحنطة ، أو الشعير بالشعير ، أو في غيرهما ، أو بواسطة المزج كمزج لبن أحدهما بلبن الآخر ، أو الدهن المذاب لأحدهما بالدهن المذاب للآخر ، فبعد التقسيم لا محالة يوجد في كل