وبهذا الاعتبار يطلقون على من تخلّف عن تعهّده في باب عقد البيعة مثلا بأنّه ناقض للبيعة ولعهده.
وهكذا يكون الأمر في جميع أبواب المعاملات والعهود والعقود العهديّة دون الإذنيّة ، وسيأتي الفرق بين العقود العهديّة والإذنيّة إن شاء الله تعالى.
وأمّا دلالة العقود والعهود على هذه الدلالة الالتزاميّة فمن باب بناء العقلاء ؛ إذ بناؤهم على أنّه لو أنشأوا هذه المعاملة باللفظ المتعارف عندهم لإنشائها ، يكون لكلّ واحد من الطرفين ـ أي الموجب والقابل ـ التزام وتعهّد بالبقاء عند هذه المعاوضة ، أو أيّ شيء آخر كان مضمون هذا العقد وعدم الرجوع عنه.
وهذا المعنى غير صرف الأخذ والإعطاء ، كما هو كذلك في باب المعاطاة ، ففي باب المعاطاة ليس في البين ما يدلّ على تعهّد والتزام من الطرفين ، بل مجرّد معاوضة بأن يعطى بدل ما يأخذ أو يأخذ عوض ما يعطى أو بدله.
وذلك من جهة أنّه ليس في المعاطاة غير الأخذ والعطاء الخارجيّ شيء آخر يكون دالاّ على أنّهما ملتزمان بالبقاء والوفاء بهذه المبادلة ولا يرجعان عنها ؛ ولذلك قلنا إنّ المعاطاة ليس بعقد ، إذ العقد هو العهد المؤكّد لغة وعرفا ، وليس في المعاطاة في مقام الإثبات ما يدلّ على هذا المعنى ويكشف عنه ، وصرف الأخذ والإعطاء خارجا كلّ واحد عوضا وبدلا عن الآخر لا يدلّ على أزيد من نفس المبادلة والمعاوضة.
نعم قد يدلّ على هذا المعنى فعل من الأفعال غير اللفظ كوضع أحدهما يده في يد الآخر ، أو ضرب أحدهما يده على يد الآخر ، ومن هذه الجهة وبهذا الاعتبار يعبّرون عن البيع بصفقة اليمين ، وقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم في قضيّة عروة البارقيّ : « بارك الله لك في صفقة يمينك » (١).
__________________
(١) « عوالي اللئالي » ج ٣ ، ص ٢٠٥ ، ح ٢٦ ؛ « مستدرك الوسائل » ج ١٣ ، ص ٢٤٥ ، أبواب عقد البيع وشروطه ، باب ١٨ ، ح ١.