فهو حقّ ومن عند الله.
فهذه المعاني وإن كانت في حدّ نفسها صحيحة وذكرها المفسرون ، ولكنّه من الواضح أنّ الاعتبار بعموم الألفاظ ، ولا يكون خصوصيّة المورد مخصّصا ، وكذلك تطبيق المفسّرين بل الأئمّة عليهمالسلام على بعض موارد ذلك العامّ. ولا شكّ في أنّ لفظ « العقود » عامّ يشمل كلّ عقد صدر من المتعاقدين ، وكلّ واحد من هذه المعاني التي ذكروها مصداق من مصاديق العامّ ، وشموله له لا ينفى شموله للمصاديق الأخر.
فظاهر الآية بناء على ما ذكرنا في المراد منها هو لزوم كلّ ما يصدق عليه العقد ويحمل عليه حملا حقيقيّا لا تجوّزا.
ثمَّ إنّه استشكل على دلالة هذه الآية على اللزوم بلزوم تخصيص الأكثر ، وهو مستهجن ، فيسقط العموم عن الحجّية ولا يمكن التمسّك به ؛ لاستهجانه ولزوم تخصيص الأكثر من جهة خروج العقود الجائزة عن هذا العموم قطعا ، وكذلك المعاطاة بناء على تحقّق الإجماع على جوازه ، وهي كثيرة جدّا ، خصوصا المعاطاة ؛ وذلك لأنّ أغلب معاملات الأسواق والمعاوضات من البيوع والإجارات وغيرهما بالمعاطاة ، بل لا يبعد دعوى كون جميعها بالمعاطاة ، وكذلك العقود اللازمة في موارد الخيارات.
وفيه : أنّ العقود الجائزة بالذات لا بواسطة جعل الخيار من الله تعالى أو من قبل المتعاقدين قد تقدّم أنّها هي العقود المسمّاة بالإذنيّة ، مقابل العقود العهديّة ، وبيّنّا أنّ تلك العقود المسماة بالإذنيّة التي قوامها بالإذن في الحقيقة ، ليست بعقد ، كالوكالة أو العارية مثلا ، إذ ليس تعهّد في البين ، وقلنا إنّ إطلاق العقد عليها من باب المشاكلة ، ومن جهة أنّ الإذن فيها يصدر بشكل الإيجاب ، ورضا الطرف بالعمل على طبق ذلك الإذن يكون بصورة القبول وبشكله ، فخروج تلك العقود عن عموم ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) يكون بالتخصّص لا بالتخصيص ، وقد تقدّم كلّ ذلك.
وأمّا المعاطاة ، فقد بيّنّا في محلّه أنّه ليس بعقد ، بل هو صرف مبادلة بين العوضين