وإن شئت قلت : إنّ إرجاع المال إلى نفسه وإخراجه عن ملك طرفه بالفسخ متوقّف على عدم كونه ملكا لذلك الطرف حال الإخراج ، وعدم كونه ملكا له في ذلك الحال متوقّف على الإخراج بذلك الفسخ ، إذ ليس سبب آخر في البين على الفرض ، فالإخراج بذلك الفسخ متوقّف على نفسه ، نعم شمول هذا الحديث للفسخ في العقد المشكوك اللزوم منوط بالقول بحصول الملكيّة بعد تماميّة العقد ، كما هو الصحيح.
ثمَّ إنّه لا يخفى أنّ دلالة هذا الحديث على اللزوم يشمل جميع المعاملات ، سواء كانت عقديّة أو بالمعاطاة ، بناء على حصول الملكيّة بالمعاطاة ، كما هو الصحيح. وأمّا بناء على أنّها مفيدة للإباحة من دون حصول ملكيّة في البين ، فلا ؛ لأنّه بناء على القول بالإباحة لا يكون المباح له ماله ، كي يقال بأنّه لا يمكن إرجاعه بدون طيب نفسه ، وكذلك لا يشمل المعاملات التي ليست مملّكة كالنكاح ـ مثلا ـ وإن كان عقدا ، وهو واضح.
وممّا تقدّم ذكره يظهر أنّ دلالة هذا الحديث على لزوم المعاملات المملّكة في غاية الوضوح ، ولا فرق بين وقوع تلك المعاملات بالعقد أو بالمعاطاة ؛ ولذلك قلنا في مبحث بيع المعاطاة أنّ مقتضى القاعدة المتّخذة من الروايات ، بل بناء العقلاء لزوم بيع المعاطاة ، ولكن الذي أخرجنا عن الالتزام بهذه القاعدة هو دعوى الإجماع من جمع من أعاظم الفقهاء.
ومنها : قوله عليهالسلام : « الناس مسلّطون على أموالهم » (١).
بيان ذلك : أنّ السلطنة على المال التي أمضاها الشارع ـ لأنّ العرف والعقلاء أيضا يعتبرون المالك ذا سلطان على ماله ـ أعمّ من السلطنة على التصرّفات التكوينيّة ـ كالأكل والشرب واللبس والركوب والسكنى ، وهكذا في المأكولات
__________________
(١) « سنن الكبرى » ج ٦ ، ص ١٠٠ ؛ « سنن الدار قطني » ج ٣ ، ص ٢٦ ، ح ٩١ ؛ « تذكرة الفقهاء » ج ١ ، ص ٤٨٩ ؛ « عوالي اللئالي » ج ٣ ، ص ٢٠٨ ، ح ٤٩.