ويكون هذا الصلح في مقام التقسيم ، أو لا بل صحّته مطلقا ، سواء كان في أوّل الشركة أو في وسطها أو في آخرها؟
اختار المحقّق الثاني قدسسره الأوّل حيث يقول : هذا إذا انتهت الشركة وأريد به فسخا وكان بعض المال دينا لصحيحة أبي الصباح. (١) ثمَّ ذكر الرواية التي نقلناه عن الحلبي. وكذلك الشهيد الثاني في المسالك حمل الرواية على ما اختاره المحقّق الثاني. (٢)
والإنصاف : أنّ صدر الرواية ظاهر في ما ذكراه ؛ لأنّ قوله عليهالسلام : « لا بأس » ظاهر في نفي البأس عمّا سأل عنه الراوي وعن فرضه ، وفرضه في حصول ربح لهما بعد حصول الاشتراك ، فكأنّه قال بعد أن اشتركا في مال واتّجرا به فحصل ربح من كسبهما فيه : إنّ لي رأس مالي والباقي لك ، فصالح بهذه العبارة أنّه صالح جميع حقّه في هذا المال المشترك بمقدار رأس ماله ، وما سوى مقدار رأس ماله للآخر ، سواء كان زائد على رأس مال الآخر فيكون الرّبح له ، أو كان أقلّ منه فيكون التوى ـ أي الخسارة ـ عليه.
فيظهر من هذا الكلام أنّه إذا اصطلحا على أن يكون مقدار رأس مال أحدهما له ، والباقي أي مقدار كان للآخر ، سواء كان زائدا على رأس مال الآخر أو كان أقلّ أنّ بهذا الصلح ينتهي الشركة. وهذا شبه تقسيم بالمصالحة ورضا الطرفين ، ولكن حيث قيّد عليهالسلام نفي البأس بقوله : « إذا اشترطا » فربما يخرج الصدر عن ظهوره في انتهاء الشركة ؛ لأنّ المراد بالاشتراط إمّا الاشتراط في عقد الشركة ، أي لا بأس بهذا الصلح إذا كانا اشترطا في عقد الشركة أن يكون رأس مال أحدهما له ، والباقي قليلا كان أم كثيرا للآخر.
فهذا الشرط في عقد الشركة إن كان مرجعه إلى أن لا يكون ربح المال له ولا
__________________
(١) « جامع المقاصد » ج ٥ ، ص ٤١٣.
(٢) « المسالك الافهام » ج ٤ ، ص ٢٦٥.