عنوان اللزوم.
ولكن جواب هذا الإشكال سهل ، وهو أنّ المراد والمقصود من النزاع في اللزوم وعدمه هو المعاملة أو العقد ينحلّ بالرجوع والفسخ ، أم لا ويبقى أثره ، فإثبات بقاء الأثر وعدم الانحلال بالرجوع أو الفسخ كاف في إثبات هذا المقصود ، ولا نحتاج إلى إثبات عنوان اللزوم كي يقال بأنّه مثبت.
هذا ، مضافا إلى أنّه يمكن أن يقال : أنّ عنوان اللزوم عنوان ومفهوم انتزاعيّ ، ينتزع قهرا من بقاء أثر العقد بعد فسخ أحدهما بدون رضا الآخر ، أو يقال : بأنّه وإن كان من الأحكام الشرعيّة الوضعيّة ولكنّه ينتزع من الأحكام التكليفيّة ، كما أنّه نسب ذلك إلى الشيخ الأنصاري قدسسره (١) فأيضا ينتزع قهرا من بقاء أثر العقد الثابت بالاستصحاب.
ومنها : ما اعترض به صاحب الكفاية في تعليقته على مكاسب شيخنا الأعظم الأنصاري (٢) بأنّ هذا الاستصحاب من الشكّ في المقتضي ، فمن يقول بعدم جريانه في الشكّ في المقتضي ليس له أن يستند في إثبات اللزوم بهذا الاستصحاب.
وفيه : أنّ المراد من الشكّ في المقتضي ـ الذي لا نقول بجريان الاستصحاب فيه ـ هو أن يكون الشكّ في استعداد بقائه في عمود الزمان ، بحيث يحتمل تماميّة قابليّة بقائه وفناء عمره وارتفاعه من عند نفسه ، من دون وجود مزيل ورافع له. وما نحن فيه ليس هكذا ، بل قابل للبقاء ما دام موضوعه موجودا كما هو شأن كلّ حكم شرعي ، فما لم يأت الفسخ لا يشكّ في بقائه ، وإنّما الشكّ في البقاء يحصل بعد وجود محتمل الرافعيّة ، وقد دافعنا عن أمثال هذه الشبهات تفصيلا في الأصول في بيان معنى الشكّ في المقتضي ، وأنّ أغلب الشبهات من جهة عدم الوصول إلى معنى الشكّ في المقتضي.
__________________
(١) « فرائد الأصول » ج ٢ ، ص ٦٠١.
(٢) « حاشية كتاب المكاسب » ص ١٣.