أفراد نوع من أنواعها أشدّ من الفرد الآخر ، فيعتبر في نجس من أنواع النجاسات نجاسة شديدة ، وفي نجس آخر منها نجاسة ضعيفة ، ففي النجاسة الحاصلة من ملاقاة جسم للبول يمكن أن يعتبر نجاسة شديدة بحيث إذا غسل مرّة تزول مرتبة وتبقى مرتبة منها ، فيحتاج إلى غسلة ثانية لزوال المرتبة الباقية.
ولكن الملكيّة في الاعتبار العرفي ليست هكذا ، بل هي أمر بسيط يدور أمرها بين الوجود والعدم ، ولا يمكن في نظر العرف والعقلاء أن تنعدم مرتبة منها وتبقى مرتبة أخرى ، فيدور أمرها بين أن تبقى بتمامها أو تزول بتمامها ، فبناء على هذا لا يمكن استصحاب بقاء مرتبة ضعيفة عن الملكيّة للمالك الثاني بعد فسخ المالك الأوّل ، كي ينتج نتيجة اللزوم.
فقد ظهر ممّا ذكرنا أنّ استصحاب الملك الكلّي الجامع بين الملكيّة المستقرّة الثابتة التي لا تزول بالفسخ ، وبين الملكيّة المتزلزلة التي تزول بالفسخ لا مانع منه ، ونتيجته لزوم المعاملة التي شكّ في لزومها.
وأمّا الإشكال على هذا الاستصحاب بأنّ الشكّ في بقاء الكلّي مسبّب عن حدوث الفرد الباقي ، والأصل عدمه ، فلا يبقى موضوع لهذا الاستصحاب.
ففيه أوّلا : أنّ الشكّ في بقاء الكلّي ليس مسببا عن الشكّ في حدوث ذلك المشكوك الحدوث الذي لو كان حادثا لكان الكلّي باقيا ، أعني الفرد الباقي ، بل من لوازم كون الحادث ذلك الفرد الذي ارتفع يقينا ، أو الذي بقي يقينا.
وبعبارة أوضح : الشكّ في بقاء الكلّي مسبّب عن أنّ الحادث أيّ واحد من هذين الفردين بمفاد كان الناقصة. وليس في البين ما يعيّن أنّ الحادث أيّ واحد من الفردين ؛ وذلك لأنّ الشكّ في بقاء الكلّي لا يرتفع إلاّ بارتفاع منشئه.
وثانيا : في حكومة الأصل الجاري في السبب على الأصل المسبّبي لا بدّ أن يكون الترتّب والسببيّة بينهما شرعيّا ، وتفصيل المسألة في الأصول ذكرناه في كتابنا