على نحو القضية الحقيقيّة ، أى على الموضوعات المقدّرة وجودها.
فالحكم الكلّي المجعول على موضوع سواء كان ذلك الموضوع مقيّدا بوصف أو كان مشروطا بشرط يكون الموضوع ذلك المركّب المفروض الوجود ، فإذا قال الشارع : يجب الحجّ على العاقل البالغ المستطيع الحرّ ، أو قال بصورة القضيّة الشرطية : من كان عاقلا بالغا حرّا مستطيعا يجب عليه الحجّ ، فالموضوع عبارة عن الإنسان الواجد لهذه الصفات ، فكلّما وجد في الخارج إنسان جامع لهذه الصفات يتحقّق الموضوع ويوجد وينطبق ما هو الموضوع عليه ، فإن أتى بذلك المركّب يكون ممتثلا ، وإن لم يأت يعدّ عاصيا متمرّدا ، وفي أيّ وقت رفع الشارع هذا الحكم عن ذلك الموضوع بدون أيّ تغيير في جانب الموضوع ، من فقد شرط أو جزء أو وجود مانع ، يعدّ هذا نسخا ، فلو شكّ في بقاء هذا الحكم على هذا الموضوع المفروض الوجود ، بدون أيّ تغيير ، يستصحب بقاؤه لتماميّة أركانه ، ويسمّى باستصحاب عدم النسخ ، ولا كلام ولا إشكال ولا خلاف في جريانه ، والاستصحاب في العقود التعليقيّة من هذا القبيل.
ففي قضيّة فقد صواع الملك في قضيّة يوسف الصدّيق مع إخوته ، جعل حمل بعير لمن جاء بصواع الملك ، أي : الجام الذي يشرب فيه أو منه ، وردّ هذه الضالّة أي جام الملك ، فيشبه هذا الجعل ، أي جعل ملكيّة حمل بعير لمن يأتي بصواع الملك جعل حكم كلّى على الموضوع المقدّر وجوده.
فهاهنا أيضا الموضوع المقدّر وجوده كلّ إنسان جاء بجام الملك ، غاية الأمر هناك ، أي في القضايا المتكفّلة لجعل الأحكام الشرعيّة الجعل ابتداء من قبل الشارع ، وها هنا أي في باب العقود التعليقيّة الجعل ابتداء من المالك ، والإمضاء من الشارع ، فكما أنّ استصحاب عدم النسخ في الأحكام الكلّية لا إشكال فيه لتماميّة أركانه ، فكذلك هاهنا استصحاب بقاء الملكيّة المنشأة من قبل المالك لا إشكال فيه.