المالين في عالم الاعتبار ، فقوام المعاوضة بهذا الأمر ، فلا بدّ وأن يكون كلّ واحد منهما مالا كي يكون قابلا للعوضيّة في عالم الاعتبار ، وأن يكون كلّ واحد من طرفي عقد المعاوضة ـ موجبا أو قابلا ـ له السلطنة على المعاوضة ، فهذان ركنان في كلّ معاوضة ، وبفقد أيّ واحد منهما لا يتحقّق المعاوضة.
فإن كان ممّا لا يملك ، أي أسقط الشارع ماليّته العرفية ، كالخمر والخنزير وأمثالهما ، أو لم يكن مالا حتّى عرفا لخسّته كالخنفساء ، فينتفي الركن الأوّل وإن كان مستحقّا للغير ، سواء كان ملك الغير أو كان متعلّقا لحقّ الغير ، فلا يكون طرف المعاوضة مسلّطا عليه ، فينتفي الركن الثاني. وعلى كلا التقديرين لا يبقى مجال للمعاوضة ، فيبطل الصلح لو بان أنّ أحد العوضين مستحقّ للغير أو ليس له ماليّة.
وهذا الحكم جار في جميع المعاوضات. ولا شبهة ولا خلاف فيما إذا كان جميع أحد العوضين كذلك. أمّا لو كان بعض أحد العوضين المعيّنين في الخارج ، أي كان بعض العين الخارجيّة التي وقعت عوضا في الصلح للغير ، أو كان ممّا لا يملك كالعبد الذي نصفه حرّ أو للغير ، فهل الصلح باطل في المجموع ، أو صحيح في المجموع ، أو يبعض وصحيح في النصف الذي له وباطل في النصف الآخر الذي ليس له ، أو يكون متعلّق حق الغير؟ وجوه.
قد تقدّم في الأمر الثاني أنّ الأرجح هو بطلان الصلح في المجموع ، حتّى في النصف الذي يملكه الطرف ، وذكرنا برهانه هناك فلا نعيد.
وربما يتوهّم الفرق بين العقود المعاوضيّة وبين الصلح ، بأنّ العقود المعاوضيّة كالبيع ـ مثلا ـ حيث أنّ المنشأ فيها هو المبادلة بين المالين ، فمع عدم ماليّة أحد العوضين أو عدم كونه له لا يتحقّق حقيقة المبادلة التي لا بدّ منها في تلك العقود.
وأمّا الصلح الذي عبارة عن التسالم والموافقة على أمر لم يؤخذ فيه كونه بعوض ، بل يمكن أن يقع بلا عوض ومجانا ، فإذا كان الأمر كذلك فكما يمكن أن يقع من أوّل