وإمّا يكون خمرا تنزيلا بلحاظ جميع الآثار من الحرمة والنجاسة وغيرهما ، أو بلحاظ خصوص هذا الأثر.
ولا يبعد احتمال الأوّل ؛ لأنّ الخمر بمعنى الستر ، ومنه خمار المرأة ، لأنّه يسترها ، ولا شكّ في أنّ كلّ مسكر يستر العقل على اختلاف مراتب الستر شدّة وضعفا ، حتّى أن في بعض أقسامها ربما يتخيّل من يراه ـ من ارتكاب القبائح ـ بأنّه مجنون ، ولا فرق في هذا المعنى بين ما يسمّونه خمرا حقيقة وبين سائر أقسام المسكرات على تقدير أنّ لا تكون خمرا في لغتهم ومحاوراتهم.
وأيضا على فرض أن لا تكون خمرا حقيقة لا شكّ في أنّ ظاهر قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « كلّ مسكر خمر » عموم المنزلة أي في جميع الآثار ، وعلى فرض أن لا يكون ظاهرا في عموم المنزلة وكان التنزيل بلحاظ الأثر الظاهر ، لا شكّ في أنّ الأثر الظاهر للخمر عند المسلمين ليس خصوص الحرمة ، بل يكون هي الحرمة والنجاسة كلتاهما.
وإمّا أن يكون دليل على إلحاقه بالخمر حكما من إجماع أو غيره كعموم التعليل مثلا لو كان في رواية أنّ الخمر نجسة لأنّه مسكر ، فهذا يكون بمنزلة كبرى كلّية تدلّ على نجاسة كلّ مسكر ، فحينئذ لا بدّ وأن نقول بأنّ خروج المسكرات الجامدة بالأصل عن تحت هذا العموم بالإجماع أو بالانصراف.
وخلاصة الكلام : أنّ الآية أو الروايات على تقدير دلالتها على نجاسة الخمر تدلّ على نجاسة كلّ مسكر مائع بالأصالة بأحد الوجوه المذكورة ، والمسكر الجامد بالأصالة خارج بما ذكرنا.
وأمّا الأخبار الواردة من طريق أهل البيت عليهمالسلام بأنّ كلّ مسكر خمر ، فكثيرة.
فمنها : رواية عطاء بن يسار عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « كلّ مسكر حرام وكلّ مسكر خمر » (١).
__________________
(١) « الكافي » ج ٦ ، ص ٤٠٨ ، باب أنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ حرّم كلّ مسكر. ح ٣ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١١١ ، ح ٤٨٢ ، باب الذبائح والأطعمة ، ح ٢١٧ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٧ ، ص ٢٦٠ ، أبواب الأشربة المحرّمة ، باب ١٥ ، ح ٥.