فقالا : « نعم لا بأس ، إنّ الله حرّم أكله وشربه ولم يحرم لبسه ولمسه والصلاة فيه » (١).
ومنها : صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليهالسلام أنّه سئل عن الرجل يمرّ في ماء المطر وقد صبّ فيه خمر فأصاب ثوبه ، هل يصلّي فيه قبل أن يغسل ثوبه؟ قال :
« لا يغسل ثوبه ولا رجله ، ويصلّي فيه ولا بأس ». (٢)
ومنها : رواية عليّ الواسطي قال : دخلت الجويرية ـ وكانت تحت موسى بن عيسى ـ على أبي عبد الله عليهالسلام وكانت صالحة ، فقالت : إنّي أتطيّب لزوجي فنجعل في المشطة التي أتمشط بها الخمر وأجعله في رأسي ، قال : « لا بأس » (٣).
ولا شكّ في أنّ بين هاتين الطائفتين من الروايات تعارض مستقرّ مستحكم ، ولا يمكن الجمع بينهما عرفا ، وإن كان من الممكن الخدشة في دلالة بعض روايات هذه الطائفة الأخيرة الدالّة على الطهارة تركنا ذكرها لعدم خفائها على المتضلّع الخبير ، ولأنّه ذكر أغلبها الآخرون.
ولكن مع ذلك كلّه لا يمكن إنكار دلالة مجموعها على الطهارة ، ولا إنكار حجيتها ، فلا بدّ من الرجوع إلى مرجّحات باب التعارض.
ورجّح البعض أخبار النجاسة ؛ لمخالفتها مع فتوى ربيعة الرأي (٤) الذي كان في زمان الصادق عليهالسلام وذلك لحمل أخبار الطهارة على التقيّة لموافقتها مع فتوى ربيعة الذي كان يؤيّده سلطان الوقت ، وذلك لأنّ الفتوى المخالف لفتوى ربيعة من الإمام
__________________
(١) « الفقيه » ج ١ ، ص ٢٤٨ ، باب ما يصلّى فيه وما لا يصلّى فيه من الثياب ، ح ٧٥١ ؛ « علل الشرائع » ص ٣٥٧ ؛ « وسائل الشيعة » ج ٢ ، ص ١٠٥٧ ، أبواب النجاسات ، باب ٣٨ ، ح ١٣.
(٢) « الفقيه » ج ١ ، ص ٨ ، باب المياه وطهرها ونجاستها ، ح ٧ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ١ ، ص ٤١٨ ، ح ١٣٢١ ، باب المياه وأحكامها ، ح ٤٠ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١ ، ص ١٠٨ ، أبواب الماء المطلق ، باب ٦ ، ح ٢.
(٣) « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٢٣ ، ح ٥٣٠ ، باب الذبائح والأطعمة ، ح ٢٦٥ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٧ ، ص ٣٠٤ ، أبواب الأشربة المحرّمة ، باب ٣٧ ، ح ٢.
(٤) انظر : « المجموع » ج ٢ ، ص ٥٦٣ ؛ « فتح العزيز » ج ١ ، ص ١٥٦ ؛ « تفسير القرطبي » ج ٦ ، ص ٢٨٨ ؛ « مغني المحتاج » ج ١ ، ص ٧٧.