نجاسات ذاتيّة ، بل يصدق عليهم هذا العنوان ، وإن كانت نجاستهم عرضيّة.
وفيه : أنّ حمل المصدر على الذات باعتبار المبالغة وادّعاء أنّه من مصاديقه أظهر من التقدير حسب المتفاهم العرفي من أمثال هذه التراكيب.
وقد يقال في الجواب عن هذا الإشكال بأنّ النجس ـ بفتح الجيم ـ كما يصحّ أن يكون مصدرا ، كذلك يصحّ أن يكون صفة ، لأنّ الصفة المشبّهة كما أنّها من الثلاثي اللازم على وزن فعل ـ بكسر العين ـ كذلك تأتي على وزن فعل ـ بفتح العين ـ كحسن ، وصرّح في القاموس بذلك في هذه المادّة ، وقال : النجس بالفتح وبالكسر وبالتحريك وككتف وعضد : ضدّ الطاهر (١).
وفيه : أنّ النجس ـ بفتح الجيم ـ وإن كان يأتي صفة كما أنّه يصحّ مصدرا فيكون مشتركا بين المصدر والصفة ، ولكن لا يمكن أن يكون هاهنا صفة ، لعدم مطابقة الخبر مع المبتدا في الإفراد والجمع ، مع أنّ الخبر صفة.
وهذا الإشكال لا يرد إن كان مصدرا لأنّ المطابقة في الإفراد والجمع ليس شرطا إذا كان الخبر مصدرا ، فيقال : شهود عدل ، ولا يصحّ أن يقال : شهود عادل.
ولا يخفى أنّه لو كان النجس مصدرا وكان حمله على المشركين من باب المبالغة ، فلا يناسب النجاسة العرضيّة ويكون ظاهرا في الذاتيّة ، فالحقّ ما أفاده الشيخ الأعظم الأنصاري (٢) في هذا المقام ، وهو أنّ النجس إمّا مصدر وإمّا صفة ، وأيّاما كان يكون ظاهرا في نجاستهم الذاتيّة.
الثاني : أنّ الدليل على فرض تماميّته أخصّ من المدّعى ، لأنّ المدّعى نجاسة كلّ كافر ، والدليل لا يثبت إلاّ نجاسة خصوص المشرك منهم.
وفيه : أنّه قد تقدّم شمول الآية للمنكرين لأصل الألوهيّة بالأولويّة ، ولأهل
__________________
(١) « القاموس المحيط » ج ٢٠ ، ص ٢٦٢ ( نجس )
(٢) « كتاب الطهارة » ص ٣٠٨.