ثمَّ إنّه بعد الفراغ عن دلالة الأدلّة المتقدّمة على نجاستهم ، فالظاهر شمول هذا الحكم لجميع أجزاء بدنهم ، سواء كانت ممّا تحلّه الحياة أو لم تكن ، كالكلب والخنزير.
وذلك من جهة أنّ الدليل إذا دلّ على نجاسة الكتابي أو بعناوين اليهود والنصارى والمجوس أو المشرك ، فظاهره أنّ بدن هؤلاء نجس ، لأنّ النجاسة الخبثيّة من عوارض الجسم ، ولو كان معروضها خصوص عضو ، أو كان بعض الأجزاء أو الأعضاء خارجا عنه. ولم يكن معروضا للنجاسة لكان عليه البيان ، وإذ ليس فاللفظ يشمل البدن بجميع أعضائه وأجزائه ، سواء كانت ممّا تحلّه الحياة أو لم تكن.
هذا ، مضافا إلى إطلاق معقد الإجماع على نجاستهم وعدم تفريقهم بين القسمين.
وأمّا ما يقال من مخالفة السيّد لهذا الإجماع المدّعى في المقام ، لأنّه يقول هناك بعدم نجاسة شعر الخنزير.
ففيه أوّلاً : لا ملازمة بين المقامين ، لأنّه من الممكن أن يكون شعر الخنزير طاهرا ويكون شعر الكافر نجسا ، كما أنّ شعر الكلب نجس.
وثانياً : قوله بطهارة شعر الخنزير لوجود رواية على جواز جعله حبلا والاستقاء به ، وهو مخصوص بمورده ، مع أنّ هذا الاستنباط لا يخلو عن إشكال ، إذ لا ملازمة لا عقلا ولا شرعا ولا عرفا بين جواز جعله حبلا مع طهارته.
وثالثاً : مخالفته لا يضرّ بتحقّق الإجماع.
وأمّا استشكال صاحب المعالم (١) في نجاسة ما لا تحلّه الحياة من أجزاء بدن الكافر وأعضائه ، بأنّ قياس الكافر على الكلب والخنزير ليس في محلّه ، لأنّ الحكم في الكلب والخنزير على المسمّى وعلى هذين العنوانين ، فيشمل جميع أجزائهما. وأمّا في الكافر فليس الأمر كذلك ، لأنّ دلالة الآية ضعيفة ، والأخبار لا تدلّ على نجاسة هذا العنوان ، فلا دليل على نجاسة أجزائه التي لا تحلّها الحياة ، والإجماع دليل لبّي لا إطلاق له.
__________________
(١) « المعالم » ص ٢٩٩.