وأمّا الإشكال على دلالة هذه الرّواية بأنّها واردة في مقام بيان حالهم بعد الموت ، وأنّهم يعاقبون أم لا؟ فلا دخل لها بنجاستهم في حال الحياة.
فعجيب ، لأنّ جهة الاستدلال بهذه الرواية ليست باعتبار أنّهم يعاقبون بعد الموت أم لا كي يرد هذا الإشكال ، بل جهة الاستدلال بها هي حكمه عليهالسلام بأنّهم كفّار ، ولا شكّ في أنّ كفرهم ليس باعتبار كونهم بعد الموت كذلك ، وذلك لوضوح أنّ من ليس بكافر حال الحياة لا يصير كافرا بعد الموت.
فالإنصاف : أنّ الرواية تدلّ على أنّهم كفّار في حال الحياة ، فقهرا يترتّب على هذا العنوان حكمه ، أي النجاسة. فظاهر الرواية أنّ كونهم كافرين حكم ظاهري ، لعدم العلم بحالهم والله يعلم بما كانوا يعملون بعد بلوغهم ، وظاهر حالهم أنّهم يدخلون مداخل آبائهم في اعتقاداتهم ، كما هو المعهود من أغلب الطوائف والأمم.
منها : خبر حفص بن غياث ، سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل من أهل الحرب إذا أسلم في دار الحرب ، فظهر عليه المسلمون بعد ذلك؟ فقال عليهالسلام : « إسلامه إسلام لنفسه ولولده الصغار ، وهم أحرار وولده ومتاعه ورقيقه له ، فأمّا الولد الكبار فهم فيء للمسلمين ، إلاّ أن يكونوا أسلموا قبل ذلك » (١).
وهذه الرواية وإن دلّت على تبعيّة ولد الصغار لآبائهم في الإسلام ، ولكن إسراء تبعيّتهم في الإسلام إلى تبعيّتهم في الكفر يكون قياسا رديئا ، لأنّ من الممكن أن يكون الإسلام لشرافته يؤثّر في إسلام أولاده الصغار ، وأمّا الكفر حيث ليس له شرافة يقف على نفسه ولا يستتبع أولاده كما أن ولادة الطفل لو صار في حال إسلام أحد أبويه يستتبعه في الطهارة ، فهذه الرواية أجنبيّة عن محلّ بحثنا.
وأمّا استدلال الإيضاح (٢) في محكي مفتاح الكرامة لكفرهم بقوله تعالى : ( وَلا
__________________
(١) « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ١٥١ ، ح ٢٦٢ ، باب المشرك يسلم في دار الحرب ... ، ح ١ ، « وسائل الشيعة » ج ١١ ، ص ٨٩ ، أبواب جهاد العدو وما يناسبه ، باب ٤٣ ، ح ١.
(٢) « إيضاح الفوائد » ج ١ ، ص ٣٦٤.