عشرين كلّ واحد منهم يدّعي تمام المال الذي ليس لأحدهم يد عليه ، ولا لغير هم عليه يد ، وليس لأحد منهم مدرك آخر أنّ هذا المال له ، فلا بدّ وأن يقسّم بينهم بقاعدة العدل والإنصاف عشرين ، لكلّ واحد منهم واحد من ذلك العشرين.
ومما ذكرنا يظهر لك أنّ ما أفتى به المشهور من أنّه « لو وادعه إنسان درهمين وآخر درهما وامتزج الجميع ثمَّ تلف درهم ، يعطى لذي الدرهمين درهم من الدرهمين الباقيين ، وينصّف الدرهم الباقي » فتواهم على طبق القاعدة ، وهي قاعدة العدل والإنصاف ؛ لأنّ الاثنين لا يد لهما على الدرهم ، أمّا يد الودعي فليست أمارة الملكيّة ، وأمّا المدّعيان فلا يد لأحدهما على المتنازع فيه ، واليد السابقة على الإيداع متعلّقها غير معلوم ، وليس المقام مقام المدّعي والمنكر ، فلا يمكن العمل بموازين القضاء ، ولا يمكن قطع الخصومة إلاّ بتطبيق قاعدة العدل والإنصاف بتنصيف المنازع فيه ؛ لأنّهما اثنان ، ولو كان عدد المدّعين أكثر ، كان التقسيم بعددهم كما عرفت.
وهذا ربما يسمّى بالصلح القهري ، ووجه التسمية واضح ، ولعلّ هذه التسمية صارت سببا لذكر هذه الفروع في كتاب الصلح ، فهذا الحكم على طبق القواعد ، ويؤيّده ما رواه السكوني عن الصادق عليهالسلام في رجل استودعه رجل دينارين واستودعه آخر دينارا ، فضاع دينار منها قال عليهالسلام : « يعطى صاحب الدينارين دينارا ، ويقسّم الآخر بينهما نصفين » (١).
أقول : هذا أحد الاحتمالات في هذه المسألة وقد افتى به المشهور.
وهاهنا احتمالات أخر :
منها : أن يصير المال ـ أي الدراهم ـ مشتركة بينهما بواسطة الاختلاط والاجتماع في مكان واحد ، أو بواسطة عدم التمييز الحاصل عن الاختلاط والاجتماع في محلّ
__________________
(١) « الفقيه » ج ٣ ، ص ٣٧ ، باب الصلح ، ح ٣٢٧٨ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ١٧١ ، أبواب كتاب الصلح ، باب ١٢ ، ح ١.