بنظر العرف حقيقتهما واحدة كلحم البقر والغنم ، ولكن حيث أنّهما فرعان من حقيقتين مختلفتين لا يأتي فيهما الربا ، وإن كان أحدهما أزيد من الآخر بحسب المقدار كيلا أو وزنا ، بل المدار في التماثل والاختلاف هو الاتّحاد أو اختلاف حقيقتي أصليهما وبناء على هذا فزبد الغنم أو دهنه أو لبنه من المختلفين مع زبد البقرة أو دهنها أو لبنها وإن كانا بنظر العرف ربما يكونان من المتماثلين.
وأمّا خلّ التمر فيصحّ بيعه بخل العنب وإن كان أحدهما أزيد من الآخر بحسب الوزن أو الكيل ؛ لما ذكرنا من اختلاف أصليهما بحسب الحقيقة.
والدليل على ما ذكرنا من الضابط في تحقّق الربا هو الأخبار الواردة في هذا الباب ، والإجماعات المدّعاة في المقام. وقد تقدّم تعليل الإمام الصادق عليهالسلام فيما رواه هشام بن سالم عنه عليهالسلام عدم جواز بيع الشعير بالحنطة متفاضلا ، كأن يأخذ مشتري الحنطة من بائعها مكان كلّ قفيز من الحنطة قفيزين من شعير ، بأنّ أصل الشعير من الحنطة ، مشيرا بذلك إلى قصّة آدم وحوّاء وزرعهما الحنطة ، ومجيء زرع حوّاء شعيرا. وقد تقدّم رواية الصدوق ذلك ، ولا شكّ في أنّ الأخذ بعموم هذا التعليل يوجب عدم جواز بيع كلّ فرع مع أصله مع التفاضل.
نعم خالف ابن إدريس قدسسره (١) في هذه المسألة ، وقال بجواز بيع الحنطة بالشعير متفاضلا ؛ لأنّهما جنسان ، وحكى الجواز عن ابن أبي عقيل أيضا ، واستدلّ على ذلك بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم » (٢).
ويدلّ أيضا على ما قال من الجواز رواية سماعة ، وكذلك رواية عليّ بن جعفر عليهالسلام المتقدّمتان.
ولكن أنت خيبر بأنّ عموم التعليل مخصّص لهذه العمومات ، فلا يبقى وجه
__________________
(١) « السرائر » ج ٢ ، ص ٢٥٤.
(٢) « عوالي اللئالي » ج ٣ ، ص ٢٢١ ، ح ٨٦ ؛ « مستدرك الوسائل » ج ١٣ ، ص ٣٤١ ، أبواب الربا ، باب ١٢ ، ح ٤.