آخر يسمى بالحاكم.
ويمكن مناقشة هذا الجواب بما يلي :
ا ـ لو سلمنا ان معنى جعل الحجية هو جعل العلمية فيمكن ان نقول : ان الايات الناهية عن اتباع الظن تنفي الحجية عن الظن وكأنها تقول ـ بدل قولها « ان الظن لا يغني من الحق شيئا » ـ ان الظن ليس حجة ، وحيث ان معنى الحجية هو جعل الظن علما فلا بد وان يكون معنى نفي الحجية هو نفي جعل الظن علما ، فاذا ضممنا مضمون السيرة الى الآيات كانت النتيجة هكذا : الخبر حجة وعلم ـ وهذا مضمون السيرة ـ وان اي ظن من الظنون بما في ذلك الخبر ليس حجة وعلما ، وهذا مضمون الآيات ، وواضح انه على هذا لا تكون السيرة حاكمة ومخرجة للخبر من الآيات بل بينهما معارضة واضحة اذ كلاهما ناظر الى الخبر ، والسيرة تقول هو علم والآيات تقول هو ليس علما (١). وقد تقدم مضمون هذا الايراد ص ٢٢٧ من الحلقة.
ب ـ انا نسأل عن الحاكم والمخرج للخبر من الايات ، فهل هو سيرة العقلاء او هو الامضاء الشرعي للسيرة لا نفسها؟ وكلاهما باطل. اما الاول فلأنه لا يحق للعقلاء جعل الخبر علما ، اذ الحكم بان الظن لا يغني من الحق شيئا حكم شرعي ، ومن الجلي ان توسيع موضوع كل حكم او تضييقه لا يحق الا لجاعل ذلك الحكم دون غيره ، وحيث ان جاعل هذا الحكم هو الشارع فالذي يحق له اخراج الخبر من الظن هو الشارع فقط دون العقلاء. وعلى الثاني يرد : ان الشارع وان كان يحق له اخراج الخبر من الآيات ولكن تحقق الامضاء الشرعي للسيرة اول
__________________
(١) ولعل الذي اوجب اعتقاد الميرزا بحكومة السيرة تخيله ان مفاد الآيات تحريم العمل بالظن تكليفا لا الارشاد الى عدم حجية الظن ، والحال ان مفادها الارشاد دون التحريم