كيف يعرف المصلي بقاءه على الشرائط الى اخر العمل لينوي الوجوب منذ البداية مع انه يحتمل زوال القدرة في الاثناء؟ هنا يأتي دور الاستصحاب ، فاذا كان المكلف واجدا للشرائط في بداية العمل فباستصحاب بقائه عليها الى الزمان المستقبل يثبت احراز ذلك.
والفارق بين هذا الاستصحاب وسابقه ان زمان اليقين في السابق كان متقدما وزمان الشك هو الآن بينما في هذا الاستصحاب الامر بالعكس تماما ، فزمان اليقين هو الآن وزمان الشك متأخر وفي الاستقبال. ويسمى الاستصحاب المذكور بالاستصحاب الاستقبالي وهو حجة في مثل هذه الموارد للسيرة العقلائية.
واما استصحاب القهقرى فمثاله دلالة صيغة « افعل » على الوجوب فانه يقال في تقريب الدلالة ان المتبادر منها في زماننا هذا هو الوجوب ولكن المهم هو اثبات التبادر والوضع في زمان النص لتحمل عليه ، وطريق اثبات ذلك هو اصالة عدم النقل المعبر عنها احيانا باستصحاب القهقرى بان يقال : ان معنى الصيغة في زماننا هذا هو الوجوب لان ذلك هو المتبادر حسب الفرض ، فلو لم يكن ثابتا عصر صدور النص ـ بان كانت الصيغة موضوعة سابقا للاستحباب مثلا ثم بعد ذلك تغير معناها ووضعت للوجوب ـ فلازم ذلك حصول التغير والنقل في معناها حيث كانت اولا للاستحباب ثم نقلت للوجوب ، واصالة عدم النقل تبطل هذا التغير ويثبت بها ان المعنى المتبادر الآن هو بنفسه المعنى الموضوع له سابقا. ويمكن تسمية اصالة عدم النقل باستصحاب القهقرى حيث ان المعنى الثابت في هذا الزمان نستصحبه الى الزمان السابق ونأخذ بالرجوع والتقهقر الى الزمان السابق ، كما ويمكن تسميتها باصالة الثبات في اللغة ، اذن باستصحاب القهقرى