الناس ... الخ » كأنها تقول اذا فرض وجود المستطيع وجب عليه الحج. اجل اذا تحققت الاستطاعة خارجا وصار المكلّف مستطيعا بالفعل تحول الوجوب الى الفعلية (١).
اذن من هذا نعرف ان للوجوب مرحلتين : مرحلة الفعلية ومرحلة الانشاء ، والاستطاعة بوجودها الفرضي التقديري شرط لانشاء الوجوب وبوجودها الخارجي الفعلي شرط للوجوب الفعلي ، فالمولى يقول من فرض كونه مستطيعا فانا قد انشأت في حقه وجوب الحج ، واذا تحقق المستطيع في الخارج صار الوجوب في حقه فعليا.
وقد تسأل : ان اشتراط الوجوب الانشائي بفرض الاستطاعة والوجوب الفعلي بالاستطاعة الفعلية وان كان امرا وجيها ولكن ما هي النكتة التي لاجلها صارت الاستطاعة الفرضية شرطا للوجوب الانشائي ولم تصر الاستطاعة الفعلية هي الشرط له؟ والجواب : ان النكتة هي ان انشاء الوجوب امر نفساني ويحصل في النفس ومن الواضح ان الصفة النفسانية لا معنى لاناطتها بالوجود الخارجي للشرط بل لا بد من اناطتها بالوجود النفسي وهو افتراض الاستطاعة ، وهذا بخلافه في الوجوب الفعلي فانه امر خارجي ولا بدّ من اناطته بالوجود الخارجي للاستطاعة.
وحصيلة هذه النقطة ان للحج مثلا نحوين من الشروط : شروط الاتصاف وشروط الترتب ، فالاستطاعة شرط للاتصاف بالوجوب بينما الاحرام مثلا شرط للترتب ، والاستطاعة ـ التي هي شرط الاتصاف ـ هي شرط للوجوب الانشائي بوجودها الفرضي وهي شرط للوجوب الفعلي بوجودها الفعلي. واما
__________________
(١) ويعبر عن الوجوب الفعلي بالمجعول