الجماعة الكثيرة.
واما المقدمة الثانية فمن حقنا ان نسأل المنطق الارسطي ونقول كيف يمكن اثبات ان الجماعة الكثيرة يستحيل اجتماعها على الكذب؟ ويجيبنا عن ذلك بان هذه القضية هي من القضايا البديهية التي يحكم بها العقل بمجرد تصورها ، فهي مثل قضية « الكل اكبر من الجزء » فكما ان هذه القضية بديهية ويحكم بها العقل بمجرد تصورها كذلك قضية ان الجماعة الكثيرة يستحيل اجتماعها على الكذب هي مما يحكم بها العقل بمجرد تصورها. ومن هنا عدّ المنطق الارسطي الخبر المتواتر واحدا من القضايا الضرورية الست ، فانا قرأنا فى المنطق ان القضايا الضرورية ست احداها المتواترات.
وشبيه هذا البيان ذكره المنطق الارسطي في القضية التجريبية ، فان اليقين بكون الاسبرين علة للشفاء حاصل من مقدمتين هما :
ا ـ اقتران الشفاء بتناول القرص مرات عديدة.
ب ـ ان الصدفة لا تتكرر دائما ولا غالبا. ومع عدم تكرر الصدفة فلا يمكن ان يكون الشفاء حاصلا صدفة وليس لأجل تناول القرص.
واذا سألنا المنطق الارسطي عن هذه القضية ـ التي هي بمثابة الكبرى ـ وقلنا له ما هو المدرك لها لأجابنا ان هذه القضية بديهية مثل قضية الكل اكبر من الجزء. ومن هنا عدّ المنطق الارسطي القضية التجريبية واحدة من القضايا الست الضرورية. واضاف قائلا ان هذه القضية ليست ثابتة بسبب التجربة لانها هي المدرك لا ثبات القضية التجريبية ـ اي كون القرص علة للشفاء ـ فلو كانت ثابتة بالتجربة يلزم الدور (١).
__________________
(١) وستأتي مناقشة ذلك وان قضية الصدفة لا تتكرر ثابتة بسبب التجربة وليست من القضايا ـ