ممتثلا لامر الصوم فلا بدّ وان يكون المقصود هو التحريك الشأني ، اي ان امر « صم » فيه شأنية وقابلية تحريك المكلّف نحو الصوم ، وبعد هذا نقول ان الوجوب قبل مجيء زمان الواجب ليست له قابلية تحريك المكلّف نحو الصوم فان قابلية التحريك فرع قابلية التحرك وحيث انه لا يمكن التحرك قبل الفجر فلا يمكن التحريك آنذاك وبالتالي يلزم عدم امكان تحقق الوجوب قبل الفجر اذ قد عرفنا ان حقيقة الوجوب متقومة بقابلية التحريك وحيث فرض عدم القابلية قبل الفجر فلا حقيقة للوجوب آنذاك.
وفيه : انا لا نسلم تقوّم حقيقة الوجوب بالتحريك بل الوجوب عبارة عن اعتبار الفعل في ذمة المكلّف ، اجل الداعي والغرض من اعتبار الفعل في الذمة هو تحريك المكلّف الى الفعل ، فالتحريك اذن هو الداعي لاعتبار الوجوب لا انه نفس حقيقة الوجوب ، وبعد هذا نقول : ان المستفاد من ادلة الواجبات ان الداعي لاعتبار الوجوب وان كان هو التحريك نحو الفعل ولكن ليس هو التحريك من اول زمان ثبوت الوجوب الى آخر زمان ثبوته حتى يقال بان الوجوب في الواجب المعلّق لا يمكن ان يكون محركا من اول زمان ثبوته وانما الداعي هو ان يكون محركا ولو في بعض فترة ثبوته (١) ، ومن الواضح ان وجوب الصوم الثابت قبل طلوع الفجر وان لم يكن قابلا لتحريك المكلّف من بداية ثبوته ولكنه يمكن ان يكون محركا له بعد ذلك اي حينما يطلع الفجر.
٣ ـ ان فكرة الواجب المعلّق تعتمد على امكان الشرط المتأخر ، فاذا لم
__________________
(١) فمثلا قوله تعالى : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) يستفاد منه ان الداعي لاعتبار الوجوب هو تحريك المكلّف نحو الصوم ولكن لا من حين رؤية الهلال بل ولو بعد فترة. وهكذا مثل خطاب « اقم الصلاة لدلوك الشمس » يستفاد منه ان الداعي هو تحريك المكلّف الى الصلاة خلال فترة ما بين الزوال والغروب اي ولو في بعض هذه الفترة لا في جميعها