فالعلم بالكتاب يحصل بحضور صورة الكتاب في الذهن والعلم بزيد يحصل بحضور صورته في الذهن وهكذا. ويسمى مثل هذا العلم بالعلم الحصولي ، فالعلم الحصولي اذن عبارة عن حضور صور الاشياء وارتسامها في الذهن. اما نفس الصور كيف يحصل العلم بها؟ لا يحصل العلم بها بواسطة حضور صور اخرى ـ والا يلزم التسلسل ، اذ الصورة الاولى تعلم بواسطة حضور صورة ثانية ، والثانية بواسطة ثالثة وهكذا ـ بل بواسطة حضورها في الذهن مباشرة ، فالصورة الذهنية الاولى بما انها حاضرة بنفسها في الذهن فلا يحتاج بعد حضورها بنفسها الى حضور صورتها. ويصطلح على مثل هذا العلم بالعلم الحضوري. وعليه فحصول العلم بالاشياء يتم عن طريق العلم الحصولي اي بحضور صورها في الذهن واما نفس الصور فيتم العلم بها عن طريق العلم الحضوري اي بحضورها بنفسها.
وبعد هذه المقدمة ذكر الميرزا ان القطع بالحكم لو اخذ في موضوع نفس الحكم يلزم الدور. ولكن اين يلزم الدور؟ يلزم في مرحلة الوصول اي في مرحلة العلم ، فالمكلف لا يمكنه العلم بالحكم والاطلاع عليه الا بشكل دوري ، وهذا بخلاف الدور المتقدم سابقا (١) فانه كان يلزم في مرحلة الجعل والتشريع بينما هذا يلزم في مرحلة العلم والوصول. وايضاحه يتم بالشكل التالي.
١ ـ ان تحقق العلم بالحكم يتوقف على العلم بالموضوع ، فالمكلف لا يمكنه العلم بوجوب الاجتناب عن هذا السائل الا اذا علم بكونه خمرا ، فان الخمر هو موضوع وجوب الاجتناب ، ولا يتحقق العلم بوجوب الاجتناب الا بعد العلم بتحقق الخمرية ، وهكذا لا يمكنه العلم بان هذا الفعل المعين واجب الا اذا علم بانه
__________________
(١) الذي كان يقول ان العلم بالحكم موقوف على ثبوت الحكم ، فلو كان ثبوت الحكم موقوفا على العلم به يلزم الدور