الدور بالبيان السابق تام ، فان القطع المصيب للواقع موقوف على ثبوت الواقع والا لم يكن مصيبا ، فالقطع بثبوت وجوب الجمعة مثلا لا يكون مصيبا الا اذا كان الوجوب ثابتا في الواقع ، فلو توقف ثبوت الحكم بوجوب الجمعة على القطع بالوجوب لزم الدور اي توقف العلم بثبوت الوجوب على العلم بثبوت الوجوب. وما افيد في دفع الدور من عدم توقف العلم بالشيء على ثبوته باطل لانه يتم في القطع غير المصيب واما المصيب فهو موقوف على ثبوت الشيء في الواقع والا لم يكن مصيبا.
ب ـ وان كان القطع المأخوذ في موضوع الحكم هو الاعم من المصيب فالدور ببيانه السابق لا يكون تاما ، فان القطع غير المصيب لا يتوقف على ثبوت الشيء في الواقع ، ومن هنا نكون بحاجة لاثبات استحالة هذا القسم الى ذكر بيانات اخرى نقتصر على اثنين منها :
الاول : ان كل قاطع يعتقد بكون قطعه كاشفا عن ثبوت الشيء وليس مثبتا له ، فمن قطع بوجود الاسد في الشارع فهو لا يعتقد ان قطعه هو الذي جاء بالاسد الى الشارع بل دور قطعه دور الكاشف عن وجود الاسد. وفي مقامنا نطبق هذا ونقول : ان القاطع بوجوب الجمعة لا يصدّق بكون قطعه هو المولّد للوجوب وانما يرى ان قطعه كاشف عن تحقق الوجوب ، ومعه فلا يمكن للمولى تشريع الحكم بوجوب الجمعة على القاطع بالوجوب ، لان مثل هذا الحكم لا يمكن ان يصدّق به المكلف اذ لازمه كون القطع مولدا للوجوب ، ومع عدم امكان تصديق المكلف به يكون تشريعه لغوا.
الثاني : ما ذكره الميرزا. وهو يتوقف على بيان مقدمة صغيرة حاصلها : ذكر في علم المعقول ان العلم بالاشياء يحصل بواسطة حضور صورها في الذهن ،