يصب عليه الوجوب واذا لم يأت به يكون الوجوب منتفيا. هذا اضافة الى لزوم عدم عصيان المكلف لو ترك الحج ، اذ قبل ان يأتي به لا وجوب لكي يكون عاصيا له ، اذن هذا الاحتمال باطل والامر بالعكس تماما ، فالوجوب لا بدّ من افتراضه اولا وبعد ذلك يوجد الحج خارجا ، فان المكلف انما يأتي بالحج لاجل استقرار الوجوب عليه اولا فتحقق الحج خارجا هو من نتائج وثمرات الوجوب ومن الامور المسببة عنه من دون ان يكون هو المحل له ، وانما المحل هو الحج بوجوده التصوري ، فالمولى اذا تصور الحج صب الوجوب عليه وبعد صبه عليه يقوم المكلف بايجاده خارجا.
والخلاصة : ان تشريع الوجوب وانشاءه يتوقف على تصور الحج والاستطاعة لا على وجودهما الخارجي ، اجل صيرورة الوجوب فعليا يتوقف على تحقق الاستطاعة ـ التي تسمى بالموضوع ـ خارجا ، فما لم تتحقق خارجا وتصير فعلية لا يصير الوجوب فعليا بل يبقى انشائيا.
ومن كل هذا البيان سنخرج بهذه النتيجة وهي ان الحكم على مستوى الجعل والانشاء يتوقف على تصور كل من الحج والاستطاعة اي على تصور كل من المتعلق والموضوع (١) ، واما على مستوى المجعول ـ اي على مستوى الحكم الفعلي ـ فهو يتوقف على تحقق الموضوع خارجا اي تحقق الاستطاعة ، ومن هنا قيل ان فعلية الحكم منوطة بفعلية موضوعة بخلاف تشريعه وجعله فانه منوط بتصور موضوعه ومتعلقه ، وبهذا تنتهي المقدمة بمطالبها الثلاثة.
وبعد هذا نعود الى الجواب وحاصله : ان البرهان على استحالة اخذ قصد الامتثال يرجع الى لزوم صيرورة قصد الامتثال متقدما ومتأخرا وهو باطل ،
__________________
(١) فان الحج متعلق والاستطاعة موضوع على ما اتضح سابقا