ولا ينبغي ان يفهم من هذا انا ندعي عدم اتصاف المقدمة العلمية بالوجوب اصلا وانما ندعي عدم اتصافها بالوجوب المقدمي الغيري وان كانت تتصف بالوجوب من ناحية اخرى اي من ناحية ان احراز حصول الواجب لا يتحقق بدونها. وبتعبير آخر : هي تتصف بالوجوب من باب قاعدة « الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية » ولكن هذا مطلب آخر لسنا بصدده وانما نحن بصدد الوجوب الغيري المقدمي.
واما المقدمة العقلية التي هي كالسفر بالنسبة للحج فهي القدر المتيقن من محل البحث فان القدر المتيقن ـ على تقدير ثبوت الوجوب الغيري واتصاف المقدمة به ـ هو ثبوته للمقدمة العقلية اذ عليها يتوقف وجود الواجب.
واما المقدمة الشرعية فهي التي وقعت محلا للبحث فقد ذهب بعض كالميرزا الى خروجها عن محل البحث لعدم امكان اتصافها بالوجوب الغيري بتقريب : ان المقدمة الشرعية ـ كالوضوء مثلا ـ متصفة بالوجوب النفسي ، وما دامت هي واجبا نفسيا فكيف تتصف بالوجوب الغيري ، انه غير ممكن لأن لازمه اجتماع الوجوبين في شيء واحد ، وقد تقدم نظير هذا منه قدّس سره في المقدمة الداخلية كالركوع مثلا اذ اختار ان الركوع لا يتصف بالوجوب الغيري لنفس النكتة المذكورة.
يبقى السؤال عن نكتة اتصاف الوضوء بالوجوب النفسي في رأي الميرزا ، ان نكتة ذلك هي ان الوضوء مثلا لا يكون مقدمة شرعية للصلاة الا اذا اخذه الشارع قيدا في الصلاة ، ومع اخذه قيدا فيها فسوف ينصب وجوب الصلاة الذي هو وجوب نفسي على الصلاة المقيدة بالوضوء ، ولازم ذلك انحلال هذا الوجوب النفسي الواحد الى وجوبين نفسيين ضمنيين احدهما متعلق بالصلاة والآخر