حتى بعد تحويل القطع من طريقي الى موضوعي بالوجهين التاليين :
١ ـ ما المراد من اخذ عدم القطع العقلي بالوجوب في الموضوع؟ فهل المراد اخذ عدم القطع بالوجوب الفعلي (١) او اخذ عدم القطع بالوجوب الانشائي؟ فان كان المراد اخذ عدم القطع بالوجوب الفعلي فالمعنى يصير هكذا : السفر للحج يجب بالوجوب الفعلي ان لم يقطع بالوجوب الفعلي من العقل ، ومفهوم ذلك يصير هكذا : وان قطعت بالوجوب الفعلي من العقل فالوجوب الفعلي لا يكون ثابتا ، ومن الواضح ان مثل هذه الحكم غير معقول للزوم التناقض في نظر القاطع اذ بعد ثبوت الوجوب الفعلي بنظره كيف يقول له الشارع ان الوجوب الفعلي غير ثابت.
وان كان المأخوذ في الموضوع عدم القطع بالوجوب الانشائي فالمعنى يصير هكذا : يجب السفر بالوجوب الفعلي ان لم يقطع بالوجوب الانشائي من العقل ، ومفهوم ذلك يصير هكذا : وان قطع بالوجوب الانشائي من العقل فالوجوب الفعلي غير ثابت ، وجعل الحكم بهذا الشكل امر معقول ولا يلزم منه التناقض في نظر القاطع اذ لم يقل الشارع : وان قطعت بالوجوب الانشائي من العقل فالوجوب الانشائي غير ثابت بل قال فالوجوب الفعلي غير ثابت ، وذلك معقول ، فان غير المعقول هو نفي الشيء الذي حصل القطع به واما نفي شيء آخر غير ما تعلق به القطع فلا محذور فيه ، ولكن مع كل ذلك لا يمكن قبول الاحتمال المذكور لكونه خلف المفروض ، اذ المفروض ان المكلف حينما قطع حصل له القطع بوجود الملاك بتمام خصوصياته وشؤونه بحيث لا يحتمل وجود شرط آخر ـ والشرط الآخر في مقامنا عبارة عن عدم حصول القطع من العقل ـ لم يلتفت له والا لم يكن قاطعا بتحقق الملاك بتمام خصوصياته حتى يكون قطعه معتبرا.
__________________
(١) يعبر عن الحكم الفعلي بالمجعول وعن الانشائي بالجعل