__________________
ـ وقد جاءت احاديث اهل البيت عليهمالسلام للرد على هذا الاتجاه نذكر منها حديث الجامعة الذي يقول « فيها كل حلال وحرام وكل شيء يحتاج اليه الناس حتى الارش في الخدش » [ الكافي ج ١ ص ٢٣٩ ]
(٢) ـ وكرد فعل على الاتجاه السابق برز اتجاه جديد ينزل بالعقل الى الحضيض ولا يعير له اية اهمية ويقتصر في الاعتماد على ظواهر النصوص الشرعية فقط. ومن مصاديق هذا الاتجاه المذهب الظاهري الذي ولد على يد داود بن علي بن خلف الاصبهاني في اواسط القرن الثالث الهجري فكان يدعو الى العمل بظواهر النصوص الشرعية ويرفض الرجوع الى العقل. هذا على الصعيد الفقهي.
واما على الصعيد العقائدي والكلامي فقد تمثل هذا الاتجاه في المذهب الاشعري الذي عطّل العقل بالمره وتطرّف الى حدّ اختار ان وجوب معرفة الله سبحانه ليس حكما عقليا بل هو حكم شرعي على حد وجوب الصوم والحج وغيره من الاحكام الشرعية ونسى ان ذلك يؤدي به الى الدور ، كيف لا ولازم ذلك توقف ثبوت الشارع والشريعة على نفس احكام الشارع والشريعة.
وتجسد هذا الاتجاه في مجال ثالث وهو مجال علم الاخلاق حيث انكر الاشاعرة قدرة العقل على تمييز ما هو حسن عما هو قبيح فلو خلي العقل ونفسه لما امكنه الحكم بان العدل حسن والظلم قبيح بل يبقى منتظرا حكم الشارع فاذا ما حكم تابعه في حكمه. ولو قدّر ان الشارع حكم بقبح العدل تابعه العقل في ذلك وحكم بقبح العدل ايضا ، واذا ما حكم بحسن الظلم تابعه على ذلك ايضا وحكم بحسن الظلم. ونحن نحتمل ـ وان لم نملك دليلا على ذلك ـ تولد هذا الخط الفكري لاسباب وظروف سياسية معينة مهدت له السلطات الحاكمة آنذاك لتبرير افعالها وتعطيل العقل عن الحكم بقبح ما يصدر منها من انحراف وظلم.
ولا نستغرب كما نستغرب من بعض اتباع مدرسة اهل البيت عليهمالسلام حيث اختار هذا الاتجاه ببعض مراتبه وعطّل العقل بشكل واخر ، فمدرسة المحدثين وعلى راسها الميرزا محمد امين الاستربادي المتوفى سنة ١٠٢٣ ه عطت العقل وجعلت المدار على النصوص الشرعية لا غير.
وقد تطرفت هذه المدرسة حينما انكرت حجية ظواهر الكتاب الكريم وقالت ان الاخذ بها لا يجوز الا بعد ورود تفسير لها من قبل روايات اهل البيت عليهمالسلام. وللامين الاستربادي كتاب الّفه في المدينة المنورة باسم « الفوائد المدنية » يقسّم فيه العلوم البشرية الى قسمين قسم يستمد فيه العلم قضاياه من الحس ـ كالرياضيات مثلا حيث تنتهي في نهاية الشوط الى الحس نظير ان ٢+ ٢ ٤ ـ وقسم لا يقوم على اساس الحس كعلوم ما وراء الطبيعة من قبيل حدوث العالم او بقاء النفس بعد البدن وامثال ذلك. ثم قال : والجدير ـ