٣ ـ ان وجوب الحذر مطلقا يدل على حجية انذار المنذرين ، والا لما وجب الحذر الا عند ما يحصل العلم من انذارهم.
وعلينا اثبات المقدمة الاولى ، اذ بامكان قائل ان يقول انه الآية قالت « لعلهم يحذرون » ، وكلمة « لعل » لا تدل على الوجوب ، ومعه كيف يستفاد وجوب الحذر؟ ولا ثبات ذلك يمكن تقديم بيانات ثلاثة :
ا ـ ما في معالم الاصول من ان كلمة « لعل » وان لم تدل على الوجوب لكنها على الاقل تدل على ان ما يقع بعدها شيء محبوب وراحج ، فالحذر الواقع بعد « لعل » شيء محبوب ، وهذا يفهمه كل من يقرأ الآية. واذا ثبت رجحان الحذر ثبت كونه واجبا ، فرجحان الحذر يستلزم وجوبه. ووجه ذلك : ان الحذر اذا كان راحجا فالمقتضي له ـ الحذر ـ لا بد وان يكون ثابتا والا كيف يكون راجحا ، ومع ثبوت المقتضي للحذر يلزم وجوبه ، اذ كيف لا يكون الحذر واجبا مع افتراض ثبوت المقتضي له.
وباختصار : توجد ملازمة بين رجحان الحذر ووجوبه ، وحيث ان الآية تدل على رجحانه يثبت وجوبه ايضا (١).
ب ـ ان الغاية المقصودة من النفر هي الحذر ، فالنفر والانذار وجبا لأجل ان يتحقق الحذر ، وبما ان النفر واجب (٢) فغايته لا بد وان تكون واجبة ايضا ، لان غاية الواجب لا بد وان تكون واجبة ، اذ كيف يكون الشيء واجبا ولا تكون
__________________
(١) الملازمة بين الرجحان والوجوب يدعيها صاحب المعالم في خصوص الحذر لا في جميع الاشياء ، ومعه فلا يشكل بان غسل الجمعة وغيره من المستحبات راجح وليس بواجب
(٢) الدليل على كون النفر واجبا كلمة « لو لا » ، فانها تدل على التحضيض اي الطلب بشدة ، والطلب بشدة عبارة اخرى عن الوجوب