ذلك للناس ؛ «فإنهم لا يعلمون من زكاة الفطرة الواجبة شيئا» (١).
كان هذا هو حال البصرة ، التي مصّرت في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ، فإن أهلها لا يفهمون حتى لغة الشريعة ، ولم يعرفوا عن زكاة الفطرة شيئا ، رغم أن من المفروض أن يكون ذلك من البديهيات ، فما ظنك بعد هذا بأولئك الذين تفتح بلادهم ، ويعلنون إسلامهم ، وهم عشرات الألوف ، وليس لديهم من يعلمهم ، ولا من يدلهم ويرشدهم؟
وقد كانت لا تزال تضاف إلى الممالك الإسلامية مناطق واسعة ، وبلاد شاسعة ، مملوءة بالسكان ، دون أن يتصدى لتعليمهم وتثقيفهم أحد من الناس.
٢ ـ وقد كان جيش بأكمله من هؤلاء الفاتحين للبلاد ، والمفترض أنهم هم حملة الإسلام إلى سائر الأمم التي تخضع لهم ، وتقبل ببسط سلطتهم ـ إن هذا الجيش ـ لم يكن فيه أحد يعرف : أن الوضوء على من أحدث ، حتى بعث قائدهم ، أبو موسى الأشعري من ينادي فيهم بذلك (٢).
مع أن أمر الوضوء من أوضح الواضحات ، ويمارسه كل أحد كل يوم عدة مرات.
فإذا كان هؤلاء يجهلون ذلك ، فما ظنك بالناس الذين يفترض فيهم أن يأخذوا أحكام دينهم وعباداتهم من هؤلاء الجهلة بالذات ، وهم المعلمون والأساتذة ، والمربون لهم؟!!.
__________________
(١) الإحكام في أصول الأحكام ج ٢ ص ١٣١.
(٢) حياة الصحابة ج ١ ص ٥٠٥ عن كنز العمال ج ٥ ص ١١٤ وعن معاني الآثار للطحاوي ج ١ ص ٢٧.