بل لقد جاء في التلمود نفسه : «إن الأمور التي تروى مشافهة ليس لك الحق في إثباتها بالكتابة» (١).
وقد علق على ذلك بعض العلماء بقوله : «من العجيب : أن اليهود كتبوا التلمود والمشناة حتى هذا النهي. وأهل الحديث من المسلمين كتبوا الأحاديث حتى الحديث المكذوب : لا تكتبوا عني .. الخ» (٢).
غير أننا نقول : إن المقصود هو المنع من الروايات الشفوية عن الأنبياء ، أما أقوال العلماء فهي الشريعة ، تماما كما يقول البعض الآن : إن آراء الصحابة شريعة وسنة.
والذي يظهر لنا هو : أن كعب الأحبار قد كان من الفرقة التي لا تجيز كتابة غير التوراة.
ويشير إلى ذلك : أنه حينما سأله الخليفة الثاني عن الشعر ، أجابه كعب واصفا العرب بقوله : «أجد في التوراة قوما من ولد إسماعيل ، أناجيلهم في صدورهم ، ينطقون بالحكمة» (٣).
__________________
(١) الفكر الديني الإسرائيلي للدكتور ظاظا ص ٧٩ عن التلمود : حيطين ٦٠ ب ـ تمور.
(٢) بحوث مع أهل السنة والسلفية هامش ص ٩٧.
(٣) راجع : العمدة لابن رشيق ج ١ ص ٢٥ وقد صرح بذلك كعب في حديث آخر في الدر المنثور ج ٣ ص ١٢٥ ثم روى ذلك أبو هريرة وقتادة عن النبي «صلى الله عليه وآله» فراجع الدر المنثور ج ٣ ص ١٢٤ و ١٢٣ و ١٢٢ ، وقد استدل البعض بهذا الحديث على حفظ القرآن عن ظهر قلب ، فراجع مناهل العرفان ج ١ ص ٢٣٥ والنشر في القراءات العشر ج ١ ص ٦ ، وفي ربيع الأبرار ج ٢ ص ١٥٠ ذكر هذا الحديث عن التوراة على لسان راهب آخر فراجع.