اليكم واللحوق بكم ، فإن كنتم ترون انكم وافون له بما دعوتموه إليه ، ومانعوه من خالفه ، فأنتم وما تحملتم من ذلك ، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به اليكم ، فمن الآن فدعوه ، فإنّه في عز ومنعة من قومه وبلده » (١).
ومن كلام للعباس رضياللهعنه قاله لأبي بكر ومن معه حين أتوه يطمعوه في أن يجعلوا له ولعقبه من بعده نصيباً ليقتطعوه من جانب عليّ وذلك بعد موت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وسيأتي تفصيل ما قالوه له في ما يأتي من فصول الكتاب.
قال : فتكلم العباس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن الله بعث محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ كما زعمت ـ نبيّاً وللمؤمنين وليّاً فمنّ الله بمقامه بين أظهرنا حتى اختار له ما عنده ، فخلّى على الناس أمرهم وليختاروا لأنفسهم مصيبين للحق ، لا مائلين عنه بزيغ الهوى ، فإن كنت برسول الله طلبت فحقنا أخذت ، وإن كنت بالمؤمنين طلبت فنحن منهم ، متقدمون فيهم ، وإن كان هذا الأمر إنّما يجب لك بالمؤمنين فما وجب إذ كنا كارهين ، فأما ما بذلت لنا فإن يكن حقاً لك فلا حاجة لنا فيه ، وإن يكن حقاً للمؤمنين فليس لك أن تحكم عليهم ، وإن كان حقنا لم نرض عنك فيه ببعض دون بعض ، وأما قولك إن رسول الله منا ومنكم ، فإنه قد كان من شجرة نحن أغصانها وانتم جيرانها (٢).
قال ابن أبي الحديد : « لمّا قبض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم واشتغل عليّ عليهالسلام بغسله ودفنه ، وبويع أبو بكر خلا الزبير وابو سفيان وجماعة المهاجرين بعباس وعلي عليهالسلام لإجالة الرأي وتكلموا بكلام يقتضي الاستنهاض والتهييج.
_______________________
(١) بهامش الروض الأنف ١ / ٢٧٥.
(٢) الامامة والسياسة ١ / ١٦ ط مصر سنة ١٣٢٨ ه.